فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ} (14)

{ إنني أنا الله لا إله إلا أنا } ثم أمره بالعبادة فقال : { فاعبدني } لأن اختصاص الإلهية به سبحانه موجب لتخصيصه بالعبادة { وأقم الصلاة } خصها بالذكر مع كونها داخلة تحت الأمر بالعبادة لكونها أشرف طاعة وأفضل عبادة وعلل الأمر بإقامة الصلاة بقوله : { لذكري } أي لتذكرني ، فإن الذكر الكامل لا يتحقق إلا في ضمن العبادة والصلاة ، أو المعنى لتذكرني فيهما لاشتمالهما على الأذكار أو لذكري خاصة لا تشوبه بذكر غيري ، أو لأمري بها في الكتاب وذكري إياها ، أو لتكون ذاكرا إلى غير ناس ، وقيل لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة ، أو المعنى أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة وقيل لذكر صلاتي .

وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصليها إذا ذكرها ، فإن الله قال : { أقم الصلاة لذكري } {[1184]} .

وأخرج الترمذي وابن ماجة وابن حبان وغيرهم من حديث أبي هريرة قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله قال : { أقم الصلاة لذكري } {[1185]} . وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى ، وقيل المعنى لأذكرك بالمدح في عليين ، فالمصدر على هذا يحتمل الإضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول . وقيل لإخلاص ذكري وطلب وجهي ، ولا ترائي فيها ، ولا تقصد بها غرضا آخر .


[1184]:مسلم 684- البخاري 384.
[1185]:الترمذي كتاب الصلاة الباب 16- 17 - ابن ماجة كتاب الصلاة الباب10.