( ولا يحسبن الذين كفروا ) وقرئ بالتحتية فالمعنى لا يحسبن الكافرون ( أنما نملي لهم ) بتطويل الأعمال وتأخيرهم ورغد العيش ، أو بما أصابوا من الظفر يوم احد ( خير لأنفسكم ) فليس الأمر كذلك بل هو شر واقع عليهم ونازل بهم ، وعلى الأولى لا تحسبن يا محمد صلى الله عليه وسلم أن الإملاء للذين كفروا بما ذكر خير لهم .
( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) بكثرة المعاصي ، واللام لام الإرادة أي إرادة زيادة الإثم ، وهي جائزة عند الأشاعرة ولا تخلو عن حكمة ، وعند المعتزلة القائلين بأنه تعالى لا يريد القبيح هي لام العافية وهي جملة مستأنفة مبينة لوجه الإملاء للكافرين . أو تكرير للأولى . والإملاء الإمهال والتأخير ، وأصله من الملوأة وهي المدة من الزمان يقال أمليت له في الأمر أخرت وأمليت للبعير في القيد أرخيت له ووسعت ( ولهم عذاب مهين ) في الآخرة .
قال أبو السعود لما تضمن الإملاء التمتع بطيبات الدنيا وزينتها وذلك مما يقتضي التعزز والتكرم وصف عذابهم بالإهانة ليكون جزاؤهم جزاء وفاقا انتهى .
واحتج الجمهور بهذه الآية على بطلان ما يقوله المعتزلة لأنه سبحانه أخبر بأنه يطيل أعمار الكافرين ويجعل عيشهم رغدا ليزدادوا إثما ، قال أبو حاتم وسمعت الأخفش يذكر كسر ( انما نملي ) الأولى وفتح الثانية ويحتج بذلك أهل القدر لأنه منهم ويجعله على هذا التقدير ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ليزدادوا إثما نملي لهم خير لأنفسهم ) .
وقال في الكشاف عن ازدياد الإثم علة ، وما كل علة بغرض ، ألا تراك تقول قعدت عن الغزو للعجز والفاقة وخرجت من البلد لمخافة الشر ، وليس شئ من ذلك بغرض لك ، وإنما أسباب وعلل .
وعن ابن مسعود قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة إن كان برا فقد قال تعالى : ( وما عند الله خير للأبرار ) وان كان فاجرا فقد قال تعالى ( ولا تحسبن الذين كفروا ) الآية ، وعن أبي الدرداء ومحمد ابن كعب وأبي هريرة نحوه{[389]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.