( ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم ) أي لا يحسبن الباخلون البخل خيرا لهم ، قاله الخليل وسيبويه والفراء وقرئ بالتاء أي لا تحسبن يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخل الذين يبخلون خيرا لهم ، قال الزجاج هو مثل ( واسأل القرية ) الآية دالة على ذم البخل ، وقد ورد فيه أحاديث .
قال المبرد : والسين في قوله ( سيطوقون ما بخلوا به ) سين الوعيد ، وهذه الجملة مبينة لمعنى ما قبلها قيل ومعنى التطويق هنا أنه يكون ما بخلوا به من المال طوقا من نار في أعناقهم ، وقيل معناه أنهم سيحملون عقاب ما بخلوا به ، فهو من الطاقة وليس من التطويق .
وقيل المعنى أنهم يلزمون أعمالهم كما يلزم الطوق العنق ، يقال طوق فلان عمله طوق الحمامة أي ألزم جزاء عمله .
قال القرطبي : البخل في أصل اللغة ان يمنع الإنسان الحق الواجب ، فأما من منع ما لا يجب عليه فليس ببخيل ، قال في القاموس البخل ضد الكرم .
وقد ذكر الشوكاني في شرحه للمنتقى عند قوله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من البخل انه قيده بعضهم بما يجب إخراجه ، ثم قال : ولا وجه له لأن البخل بما ليس بواجب من غرائز النقص المضادة للكمال ، والتعوذ منه حسن بلا شك ، فالأولى تبقية الحديث على عمومه انتهى ، فمعنى البخل عام لا كما ذكره القرطبي .
وأما في الآية فهو للواجب ولكن عبارته تفيد التعميم والله أعلم ، قال ابن عباس :هم أهل الكتاب بخلوا به أن يبثوه للناس ، وعن مجاهد قال : هم اليهود ، وعن السدي : قال بخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها .
( يوم القيامة ) بأن يجعل حية في عنقه تنهشه كما أخرج البخاري عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه يعني بشدقيه فيقول أنا مالك أنا كنزك " ثم تلا هذه الآية ، وقد ورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة يرفعونها{[390]} .
( ولله ميراث السموات والأرض ) أي له وحده لا لغيره كما يفيده التقديم والمعنى ان له ما فيهما مما يتوارثه أهلهما ومنه المال ، فما بالهم يبخلون بذلك ولا ينفقونه وهو لله سبحانه لا لهم . وإنما كان عندهم عارية مستردة .
ومثل هذه الآية قوله تعالى ( إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ) وقوله ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) والميراث في الأصل هو ما يخرج من مالك إلى آخر ، ولم يكن مملوكا لذلك الآخر قبل انتقاله إليه بالميراث ، ومعلوم ان الله سبحانه هو المالك بالحقيقة لجميع مخلوقاته ( والله بما تعملون خبير ) قرئ بالتاء على طريقة الالتفات وهي أبلغ في الوعيد ، وقرئ بالياء على الظاهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.