فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا} (22)

{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ } الإشارة بهذا إلى ما رأوه من الجيوش أو إلى الخطب الذي نزل ، والبلاء الذي دهم ، وهذا القول منهم قالوه استبشارا بحصول ما وعدهم الله ورسوله من مجيء هذه الجنود وأن يتعقب مجيئهم إليهم نزول النصر والظفر من عند الله ، و { ما } في { ما وعدنا } هي الموصولة أو المصدرية ، ثم أردفوا ما قالوه بقولهم :

{ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ } أي ظهر صدق خبرهما ووجه إظهار الاسم الشريف والرسول بعد قوله { ما وعدنا الله ورسوله } ، هو قصد التعظيم ، وأيضا لو أضمرهما لجمع بين ضميري الله ورسوله في لفظ واحد وقال صدقا ، وقد ورد النهي عن جمعهما كما في حديث [ بئس خطيب القوم أنت ] ، لمن قال ومن يعصهما فقد غوى ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم [ من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ] ، فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم أعرف بقدر الله منا فليس لنا أن نقول كما يقول : قاله السمين .

{ وَمَا زَادَهُمْ } ما رأوه من اجتماع الأحزاب عليهم ومجيئهم { إِلا إِيمَانًا } بالله { وَتَسْلِيمًا } لأمره ، قال الفراء : ما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا ذلك قال علي بن سليمان رأي يدل على الرؤية ، وتأنيث الرؤية غير حقيقي ؛ والمعنى ما زادهم الرؤية إلا إيمانا بالرب ؛ وتسليما للقضاء ، ولو قال ما زادتهم لجاز ، وعن ابن عباس قال : في الآية إن الله قال لهم في سورة البقرة { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء } ، فلما مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله فتأول المؤمنون ذلك فلم يزدهم إلا إيمانا وتسليما .