{ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ } مرفوع على أنه خبر آخر عن المبتدأ المقدم ، أي هو الذي يريكم آياته وهو رفيع الدرجات ، وكذلك { ذُو الْعَرْشِ } خبر ثالث ويجوز أن يكون رفيع مبتدأ ، وخبره ذو العرش ، ويجوز أن يكونا خبرين لمبتدأ محذوف ورفيع صفة مشبهة ، والمعنى رفيع الصفات عظيمها أو رفيع درجات ملائكته ، أي معارجهم ، أو رفيع درجات أنبيائه وأوليائه في الجنة ، وقال الكلبي وسعيد بن جبير : رفيع السماوات السبع ، وعلى هذا الوجه يكون رفيع بمعنى رافع ، وقيل : هو المرتفع بعظمته في صفات جلاله وكماله ووحدانيته ، المستغني عن كل ما سواه وكل الخلق فقراء إليه ومعنى ذو العرش مالكه وخالقه ، والمتصرف فيه ، خلقه مطافا للملائكة ، وجعله فوق سماواته وذلك يقتضي علو شأنه وعظم سلطانه ، ومن كان كذلك فهو الذي تحق له العبادة ، ويجب له الإخلاص .
وجملة { يُلْقِي الرُّوحَ } في محل رفع على أنها خبر آخر للمبتدأ المتقدم أو للمقدر أي ينزل الوحي وسمي الوحي روحا لأن الناس يحيون به من موت الكفر ، كما تحيا الأبدان بالأرواح ، ومثل هذه الآية قوله تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } وقيل الروح جبريل كما في قوله { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ } وقوله { نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } ، وقوله { مِنْ أَمْرِهِ } متعلق بيلقي ، ومن لابتداء الغاية ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من الروح أو المعنى من أجل أمره ، أو بأمره أو من قضائه .
{ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } وهم الأنبياء { لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } قرأ الجمهور مبنيا للفاعل ونصب اليوم والفاعل هو الله سبحانه أو الرسول أو من يشاء والمنذر به محذوف أي لينذر العذاب يوم التلاق ، وقرئ لتنذر بالفوقية على أن الفاعل ضمير المخاطب وهو الرسول ، أو ضمير يرجع إلى الروح لأنه يجوز تأنيثها ، وقرئ على البناء للمفعول ، ورفع يوم على النيابة ، والتلاق بحذف الياء وإثباتها وقفا ووصلا ، وتوجيه ذلك ذكره الفاسي في شرط الشاطبية فليراجع .
والمعنى يوم يلتقي أهل السماوات والأرض في المحشر ، وبه قال قتادة ، وقال أبو العالية ومقاتل : يوم يلتقي العابدون والمعبودون ، وقيل الظالم والمظلوم ، وقيل يلتقي الخلق والخالق ، وقيل الأولون والآخرون ، وقيل جزاء الأعمال والعاملون .
قال ابن عباس : يوم التلاق يوم القيامة يلتقي فيه آدم وآخر ولده ، وعنه قال : هو يوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذر عباده منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.