الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ} (124)

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده ، وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر ، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً في قوله : { معيشة ضنكا } قال : عذاب القبر . ولفظ عبد الرزاق قال : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه . ولفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر .

وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : إن المعيشة الضنك : أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً تنهشه في القبر .

وأخرج البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة ، «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { فإن له معيشة ضنكاً } قال : المعيشة الضنك التي قال الله : إنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم من وجه آخر ، عن أبي هريرة «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { فإن له معيشة ضنكاً } قال : «عذاب القبر » .

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «المؤمن في قبره في روضة خضراء ، ويرحب له قبره سبعين ذراعاً ، ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر . . . هل تدرون فيما أنزلت { فإن له معيشة ضنكاً } ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : عذاب الكافر في قبره ، يسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً . . . هل تدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون » .

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر ، عن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن المؤمن إذا وضع في قبره أجلس فيه فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيثبته الله فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم .

فيوسع له في قبره ويروّح له فيه . ثم قرأ عبد الله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري . قال : فيضيق عليه قبره ويعذب فيه . ثم قرأ : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً } .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : الشقاء .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : شدة عليه في النار .

وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : { معيشة ضنكاً } قال : الضنك ، الشديد من كل وجه . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول :

والخيل قد لحقت بنا في مارق *** ضنك نواحيه شديد المقدم

وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي ، عن ابن مسعود في قوله : { فإن له معيشة ضنكاً } قال : عذاب القبر .

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله .

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : المعيشة الضنك ، خصم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : يقول : كل مال أعطيته عبداً من عبادي قلّ أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه ، وهو الضنك في المعيشة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : ضيقة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : الضنك ، من المعيشة إذا وسع الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام ، فيجعله الله عليه ضيقاً في نار جهنم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : يحول الله رزقه في الحرام ، فلا يطعمه إلا حراماً حتى يموت فيعذبه عليه .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : العمل السيء والرزق الخبيث .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : { معيشة ضنكاً } قال : في النار شوك وزقوم وغسلين والضريع ، وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة ، ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة .

وأخرج البيهقي عن مجاهد { معيشة ضنكاً } ضيقة يضيق عليه قبره .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { فإن له معيشة ضنكاً } قال : رزقاً { ونحشره يوم القيامة أعمى } قال : عن الحجة { قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً } قال : في الدنيا { قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } قال : تترك في النار .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : { ونحشره يوم القيامة أعمى } قال : ليس له حجة .

وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عكرمة في قوله : { ونحشره يوم القيامة أعمى } قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم . وفي لفظ قال : لا يبصر إلا النار .