الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ} (124)

{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي } يعني عن القرآن فلم يؤمن به ولم يتّبعه { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } ضيقاً يقال : منزل ضنك وعيش ضنك ، يستوي فيه الذكر والأُنثى والواحد والاثنان والجمع ، قال عنترة :وإذا هم نزلوا بضنك فانزل

واختلف المفسّرون في المعيشة الضنك ، فاخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد الحيري قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال : حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال : حدّثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدّثنا حماد بن سلمة عن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :في قوله سبحانه { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال : " عذاب القبر " " .

وقال ابن عباس : الشقاء ، مجاهد : الضيق ، الحسن وابن زيد : الزقوم والغسلين والضريع ، قتادة : يعني في النار ، عكرمة : الحرام ، قيس بن أبي حازم : الرزق في المعصية ، الضحاك : الكسب الخبيث ، عطيّة عن ابن عباس يقول : كلّ مال أعطيته عبداً من عبادي قلَّ أو كثر لا يتّقيني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة ، وإنّ قوماً ضُلاّلاً أعرضوا عن الحق وكانوا أُولي سعة من الدنيا مكثرين فكانت معيشتهم ضنكاً ، وذلك أنّهم كانوا يرَون أنّ الله ليس بمخلف لهم معائشهم من سوء ظنّهم بالله والتكذيب به ، فإذا كان العبد يكذب بالله ويسيء الظنّ به اشتدت عليه معيشته فذلك الضنك ، أبو سعيد الخدري : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويسُلّط عليه في قبره تسعة وتسعون تنّيناً ، لكلّ تنّين سبعة رؤوس تنهشه وتخدش لحمه حتى يُبعث ، ولو أنّ تنيّناً منها ينفخ في الأرض لم تنبت زرعاً .

مقاتل : معيشة سوء لأنّها في معاصي الله . سعيد بن جبير : سلبه القناعة حتى لا يشبع .

{ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى } قال ابن عباس : أعمى البصر ، مجاهد : أعمى عن الحجّة .