الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ} (124)

قوله : { ضَنكاً } : صفةٌ ل " معيشة " ، وأصلُه المصدرُ فلذلك لم يُؤَنَّثْ . ويقع للمفردِ والمثنى والمجموعِ بلفظٍ واحدٍ .

وقرأ الجمهورُ " ضَنْكاً " بالتنوينَ وَصْلاً وإبدالِه ألفاً وقفاً كسائِرِ المعربات . وقرأتْ فرقةٌ قوله : " ضَنْكى " بألفٍ كسَكْرى . وفي هذه الألف احتمالان ، أحدهما : أنها بدلٌ من التنوين ، وإنما أجرى الوصلَ مُجْرى الوقف كنظائرَ له مَرَّتْ . وسيأتي منها بقيةٌ إن شاء الله تعالى . والثاني : أن تكونَ ألفَ التأنيث ، بُني المصدرُ على فَعْلى نحو دَعْوَى .

والضَّنْكُ : الضِّيقُ والشِّدة . يُقال منه : ضَنُكَ عيشُه يَضْنُك ضَنَاكة وضَنْكاً . وامرأة ضِناك كثيرةُ لحمِ البدنِ ، كأنهم تخيَّلوا ضِيْقَ جِلْدِها به .

وقرأ العامَّةُ " ونَحْشُرُه " بالنونِ ورَفْعِ الفعلِ على الاستئناف . وقرأ أبانُ ابن تغلب في آخرين بتسكينِ الراءِ . وهي محتملةٌ لوجهين ، أحدُهما : أن يكونَ الفعلُ مجزوماً نَسَقاً على مَحَلِّ جزاء الشرط ، وهو الجملةُ مِنْ قولِه { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً } فإنَّ محلَّها الجزمُ ، فه كقراءةِ ِ { مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرْهُمْ } [ الأعراف : 186 ] بتسكين الراء . والثاني : أَنْ يكونَ السكونُ سكونَ تخفيفٍ نحو { يَأْمُرْكُمْ } [ البقرة : 67 ] وبابِه .

وقرأ فرقةٌ بياءِ الغَيْبة وهو اللهُ تعالى أو المَلَك . وأبان بن تغلب في رواية " ونَحْشُرهْ " بسكونِ الهاء وصلاً . وتخريجُها : إمَّا على لغةِ بني عقيل وبني كلاب ، وإمَّا على إجراء الوصل مُجرى الوقف . و " أعمى " نصب على الحال .