الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (128)

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد ، وشج في وجهه حتى سال الدم على وجهه فقال : " كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } " .

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وقد جرح في وجهه ، وأصيب بعض رباعيته وفوق حاجبه فقال وسالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم عن وجهه " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية " .

وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وقد شج في وجهه وأصيبت رباعيته ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم فقال : " كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى الشيطان ، ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضلالة ، ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ؟ فهم أن يدعو عليهم . فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء عليهم " .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انكشف عنه أصحابه يوم أحد ، كسرت رباعيته وجرح وجهه فقال وهو يصعد على أحد : " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله مكانه { ليس لك من الأمر شيء } الآية " .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ، أن رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد ، أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه ، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم ؟ فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية " .

وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد : اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحرث بن هشام ، اللهم العن سهيل بن عمرو ، اللهم العن صفوان بن أمية . فنزلت هذه الآية { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } فتيب عليهم كلهم " .

وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر . فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية . فهداهم الله للإسلام .

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع : " اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين . اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف - يجهر بذلك - وكان يقول في بعض صلاته - في صلاة الفجر - اللهم العن فلانا وفلانا . . . . لأحياء من أحياء العرب - يجهر بذلك - حتى أنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } وفي لفظ اللهم العن لحيان ، ورعلا ، وذكوان ، وعصية ، عصت الله ورسوله . ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل قوله { ليس لك من الأمر شيء } الآية " .

وأخرج عبد بن حميد والنحاس في ناسخه عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في صلاة الفجر بعد الركوع - في الركعة الآخرة - فقال : " اللهم العن فلانا وفلانا - ناسا من المنافقين دعا عليهم - فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية " .

وأخرج ابن إسحق والنحاس في ناسخه عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : جاء رجل من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنك تنهى عن السبي يقول : قد سبى العرب . ثم تحول قفاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكشف أسته فلعنه ودعا عليه . فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية . ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه .