بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (128)

ثم قال عزّ وجلّ : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شيء } روى جويبر عن الضحاك قال : لما كان يوم أحد ، كسرت رباعية النبيّ صلى الله عليه وسلم وأدمي ساقه ، وقتل سبعون رجلاً من الصحابة ، فَهَمَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المشركين ، فأنزل الله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شيء } أي ليس لك من الحكم شيء ، أو يتوب عليهم يعني كفار قريش يهديهم إلى الإسلام . وقال الكلبي : فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلعن الذين انهزموا من الصحابة يوم أحد ، فنزل : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شيء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } يعني الذين انهزموا { أَوْ يُعَذّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالمون } قال : فلما نزلت هذه الآية ، كفّ ولم يلعن المشركين ، ولا الذين انهزموا من الصحابة ، لعلم الله فيهم أنهم سيتوبون ، وأن المشركين سيؤمن كثير منهم . وقد آمن كثير منهم فمنهم : خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم .

قال مقاتل : وكان سبعون رجلاً من أصحاب الصُّفَّة ، خرجوا إلى الغزو محتسبين ، فقتل السبعون جميعاً ، فشق ذلك على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فدعا الله عليهم أربعين يوماً في صلاة الغداة ، فنزل قوله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شيء } ويقال : معنى قوله أو يتوب عليهم ، { أو يعذبهم } إن لم يكونوا من أهل التوبة .