فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (128)

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في وجهه حتى سال الدم ، فقال : كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم{[370]} ، فأنزل الله ( ليس لك في الأمر شئ ) أي لست تملك إصلاحهم ولا تعذيبهم بل ذلك ملك الله فاصبر ( أو يتوب عليهم ) بالإسلام ( أو يعذبهم ) بالقتل والأسر والنهب ( فإنهم ظالمون ) بالكفر وقد روى هذا المعنى في روايات كثيرة .

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهم العن سهيل ابن عمرو ، اللهم العن صفوان بن أمية فنزلت هذه الآية ، وللحديث ألفاظ وطرق{[371]} .

ومعنى الآية ان الله مالك أمرهم يصنع بهم ما يشاء من الإهلاك او الهزيمة أو التوبة إن أسلموا ، أو العذاب إن أصروا على الكفر ، وقال الفراء ( أو ) بمعنى إلا . والمعنى إلا أن يتوب عليهم فتفرح بذلك أو يعذبهم فتشتفي بهم .

وقال السيوطي أو بمعنى ( إلى أن ) يعني غاية في الصبر ، أي الى أن يتوب عليهم ، قيل نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من الغزاة بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلموا الناس القرآن فقتلهم عامر بن الطفيل فوجد{[372]} من ذلك وجدا شديدا قنت شهرا الصلوات كلها يدعو على جماعة من تلك القبائل باللعن ، وفي الباب أحاديث في الصحيحين لا نطول بذكرها .


[370]:مسلم 1791.
[371]:مسلم 1794- البخاري179.
[372]:أي حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم.