قوله ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ ) الآية [ 128 ] .
هذا معطوف عند الطبري وغيره على ( لِيَقْطَعَ )( {[10822]} ) ، والمعنى عنده : ( لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ ) ( أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ ) ففي الكلام في قوله تقديم وتأخير . وعند غيره أو بمعنى إلا ، فهي الناصبة بإضمار إن ، ولا تقديم ولا تأخير في الكلام( {[10823]} ) .
ومعنى الآية : ليس لك يا محمد من الحكم في عبادي شيء ، أو أتوب عليهم برحمتي إن شئت ، فيؤمنوا أو أعذبهم فيموتوا على كفرهم ( فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) أي : قد استحقوا العذاب بظلمهم . وكان سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى عليه السلام لما أصابه بأحد ما أصابه قال كالآيس منهم أن يؤمنوا : " كيف يفلح( {[10824]} ) قوم فعلوا [ هذا ]( {[10825]} ) بنبيهم( {[10826]} ) " وقد كانوا كسروا رباعيته ، وشج ، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول " كيف يفلح قوم خضبوا نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم " ؟ فأنزل الله ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمُ ) الآية فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء حين نزلت عليه الآية ، وكان قد دعا عليهم قبل الآية( {[10827]} ) وقال ، في عتبة بن أبي وقاص حين كسرت رباعيته ، ووشاء( {[10828]} ) وجهه فقال " اللهم لا تحل عليه الحول( {[10829]} ) حتى يموت كافراً " فما حال عليه [ الحول ]( {[10830]} ) حتى مات كافراً( {[10831]} ) .
وقال ابن عمر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهم العن صفوان بن أمية فنزلت ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ ) الآية( {[10832]} ) .
وروى أبو بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام( {[10833]} ) أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الفجر فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قال : اللهم انجِ عياش بن أبي ربيعة( {[10834]} ) وسلمة( {[10835]} ) بن هشام ، والوليد بن الوليد( {[10836]} ) ، اللهم أنج المستضعفين من المسلمين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم سنين كسني يوسف فأنزل الله ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ ) الآية( {[10837]} ) . وروى ذلك أبو هريرة أيضاً –عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه قال : واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ، وزاد فيها الدعاء على قوم آخرين ، فلما نزلت ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ ) ترك ذلك( {[10838]} ) .
وروى ابن وهب عن رجاله يرفعه إلى النبي عليه السلام أنه كان يدعو على مضر إذ جاء جبريل صلى الله عليه وسلم فأومأ إليه أن اسكت ، فسكت فقال يا محمد : إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً ، وإنما بعثك رحمة ، ولم يبعثك عذاباً ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الاَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمُ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) قال : ثم علمه القنوت " اللهم إنا نستعينك . . . إلى آخره ملحق " ( {[10839]} ) .
وقال بعض الكوفيين : إن هذه الآية ناسخة للقنوت الذي كان النبي عليه السلام جعله في صلاة الصبح ، وأكثر الناس على أنه ليس بمنسوخ( {[10840]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.