الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا} (49)

أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن اليهود قالوا : إن أبناءنا قد توفوا وهم لنا قربة عند الله ، وسيشفعون لنا ويزكوننا فقال الله لمحمد { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم . . . } الآية .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ، ويقربون قربانهم ، ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب ، وكذبوا قال الله : إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ، ثم أنزل الله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } قال : يعني يهود ، كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم قال : فتلك التزكية .

وأخرج ابن جرير عن أبي مالك في قوله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } قال : نزلت في اليهود ، كانوا يقدمون صبيانهم يقولون : ليست لهم ذنوب .

وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث ، يصلون بهم يقولون : ليس لهم ذنوب . فأنزل الله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم . . . } الآية .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } قال : هم اليهود والنصارى ( قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ) ( المائدة الآية 18 ) . ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) ( البقرة الآية 111 ) .

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } قال : نزلت في اليهود قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغارا فلا يكون لهم ذنوب ، وذنوبنا مثل ذنوب أبناءنا ، ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل .

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدر بدينه ثم يرجع وما معه منه شيء ، يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا فيقول : والله إنك لذيت وذيت ، ولعله أن يرجع ولم يجد من حاجته بشيء وقد أسخط الله عليه ، ثم قرأ { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم . . . } الآية .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله { ولا يظلمون فتيلا } قال : الفتيل . ما خرج من بين الأصبعين .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن عباس قال : الفتيل . هم أن تدلك بين أصبعيك ، فما خرج منهما فهو ذلك .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : النقير . النقرة تكون في النواة التي تنبت منها النخلة ، والفتيل : الذي يكون على شق النواة ، والقطمير : القشر الذي يكون على النواة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الفتيل : الذي في الشق الذي في بطن النواة .

وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس . أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { ولا يظلمون فتيلا } قال : لا ينقصون من الخير والشر مثل الفتيل ، هو الذي يكون في شق النواة . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول :

يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو *** ثم لا يرزأ الأعادي فتيلا

وقال الأول أيضا :

أعاذل بعض لومك لا تلحي *** فإن اللوم لا يغني فتيلا

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير : الذي يكون في وسط النواة في ظهرها ، والفتيل : الذي يكون في جوف النواة ، ويقولون : ما يدلك فيخرج من وسخها ، والقطمير : لفافة النواة أو سحاة البيضة أو سحاة القصبة .

وأخرج عبد بن حميد عن عطية الجدلي : هي ثلاث في النواة . القطمير وهي قشرة النواة ، والنقير الذي غابت في وسطها ، والفتيل الذي رأيت في وسطها .