{ ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } أي يمدحونها ، تعجيب من حالهم ، وقد اتفق المفسرون على أن المراد اليهود ، واختلفوا في معنى الذي زكوا به أنفسهم فقال الحسن وقتادة : هو قولهم { نحن أبناء الله وأحباؤه } وقولهم { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } .
وقال الضحاك ، هو قولهم لا ذنوب لنا ونحن كالأطفال ، وقيل قولهم إن آباءهم يشفعون لهم ، وقيل ثناء بعضهم على بعض ، ومعنى التزكية التطهير والتنزيه فلا يبعد صدقها على جميع هذه التفاسير وعلى غيرها ، واللفظ يتناول كل من زكى نفسه بحق أو بباطل من اليهود وغيرهم ، وكل من ذكر نفسه بصلاح أو وصفها بزكاء العمل أو بزيادة الطاعة والتقوى أو بزيادة الزلفى عند الله .
ويدخل في هذا التلقب بالألقاب المتضمنة للتزكية كمحي الدين وعز الدين وسلطان العارفين ونحوها ، فهذه الأشياء لا يعلمها إلا الله تعالى فلهذا قال { بل الله يزكي من يشاء } أي بل ذلك إليه سبحانه ، فهو العالم بمن يستحق التزكية من عباده ومن لا يستحقها ، فليدع العباد تزكية أنفسهم ويفوضوا أمر ذلك إلى الله سبحانه ، فإن تزكيتهم لأنفسهم مجرد دعاوى فاسدة تحمل عليها محبة النفس وطلب العلو والترفع والتفاخر ، ومثل هذه الآية قوله تعالى { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } .
{ ولا يظلمون } هؤلاء المزكون أنفسهم من أعمالهم { فتيلا } هو الخيط الذي في نواة الثمر ، وقيل القشرة التي حول النواة وقيل هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما فهو فتيل بمعنى مفتول ، والمراد هنا الكناية عن الشيء الحقير ، ومثله لا يظلمون نقيرا ، وهو النكتة التي في ظهر النواة .
والمعنى أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم لأنفسهم بقدر هذا الذنب ، ولا يظلمون بالزيادة على ما يستحقون ، ويجوز أن يعود الضمير إلى ( من شاء ) أي لا يظلم هؤلاء الذين يزكيهم الله فتيلا مما يستحقونه من الثواب .
وقد ضربت العرب المثل في القلة بأربعة أشياء اجتمعت في النواة وهي الفتيل والنقير وهو النقرة التي في ظهر النواة ، والقطمير وهو القشر الرقيق فوقها ، وهذه الثلاثة واردة في الكتاب العزيز ، والثفروق وهو ما بين النواة والقمع الذي يكون في رأس الثمرة كالعلاقة بينهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.