قوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ } تعجيب من حالهم . وقد اتفق المفسرون على أن المراد : اليهود . واختلفوا في المعنى الذي زكوا به أنفسهم ، فقال الحسن ، وقتادة : هو قولهم : { نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] وقولهم : { لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نصارى } [ البقرة : 111 ] وقال الضحاك : هو قولهم لا ذنوب لنا ، ونحن كالأطفال . وقيل : قولهم إن آباءهم يشفعون لهم وقيل : ثناء بعضهم على بعض . ومعنى التزكية : التطهير والتنزيه ، فلا يبعد صدقها على جميع هذه التفاسير وعلى غيرها ، واللفظ يتناول كل من زكى نفسه بحق أو بباطل من اليهود وغيرهم ، ويدخل في هذا التلقب بالألقاب المتضمنة للتزكية ، كمحيي الدين ، وعز الدين ، ونحوهما . قوله : { بَلِ الله يُزَكّي مَن يَشَاء } أي : ذلك إليه سبحانه ، فهو العالم بمن يستحق التزكية من عباده ، ومن لا يستحقها ، فليدع العباد تزكية أنفسهم ، ويفوضوا أمر ذلك إلى الله سبحانه ، فإن تزكيتهم لأنفسهم مجرد دعاوى فاسدة تحمل عليها محبة النفس ، وطلب العلوّ والترفع والتفاخر ومثل هذه الآية قوله تعالى : { فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقى } [ النجم : 32 ] . قوله : { وَلاَ تُظْلَمُونَ } أي : هؤلاء المزكون لأنفسهم { فَتِيلاً } وهو : الخيط الذي في نواة التمر . وقيل : القشرة التي حول النواة وقيل : هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما ، فهو : فتيل بمعنى مفتول ، والمراد هنا : الكناية عن الشيء الحقير ، ومثله : { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } [ النساء : 124 ] وهو : النكتة التي في ظهر النواة . والمعنى : أن هؤلاء الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم لأنفسهم بقدر هذا الذنب ، ولا يظلمون بالزيادة على ما يستحقون ، ويجوز أن يعود الضمير إلى { مَن يَشَآء } أي : لا يظلم هؤلاء الذين يزكيهم الله فتيلاً مما يستحقونه من الثواب . ثم عجب النبي صلى الله عليه وسلم من تزكيتهم لأنفسهم ، فقال : { انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.