الفتيل : فعيل بمعنى مفعول . { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } قال الجمهور : هم اليهود .
وقال الحسن وابن زيد : هم النصارى .
قال ابن مسعود : يزكي بعضهم بعضاً لتقبل عليهم الملوك وسفلتهم ، ويواصلوهم بالرشا .
وقال عطية عن ابن عباس : قالوا آباؤنا الذين ماتوا يزكوننا عند الله ويشفعون لنا .
وقال الضحاك والسدي في آخرين : أتى مرحب بن زيد وبحري بن عمرو وجماعة من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعهم أطفالهم فقالوا : هل على هؤلاء من ذنب ؟ فقال : لا .
فقالوا : نحن كهم ما أذنبنا بالليل يكفر عنا بالنهار ، وما أذنبنا بالنهار يكفر عنا بالليل فنزلت .
وقيل : هو قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه .
وعلى القول بأنهم اليهود والنصارى فتزكيتهم أنفسهم .
قال عكرمة ، ومجاهد ، وأبو مالك : كانوا يقدمون الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم فيصلون بهم ويقولون : ليست لهم ذنوب ، فإذا صلى بنا المغفور له غفر لنا .
وقال قتادة والحسن : هو قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه { لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } { كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا } وفي الآية دلالة على الغض ممن يزكي نفسه بلسانه ويصفها بزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله .
وقوله صلى الله عليه وسلم : » والله إني لأمين في السماء ، أمين في الأرض « حين قال له المنافقون : إعدل في القسمة ، أكذاب لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه ، وشتان من شهد الله له بالتزكية ، ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم .
قاله الزمخشري وفيه بعض تلخيص .
قال الراغب ما ملخصه : التزكية ضربان : بالفعل ، وهو أن يتحرى فعل ما يظهره وبالقول ، وهو الإخبار عنه بذلك ومدحه به .
وحظر أن يزكي الإنسان نفسه ، بل أن يزكي غيره ، إلا على وجه مخصوص .
فالتزكية إخبار بما ينطوي عليه الإنسان ، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى .
{ بل الله يزكي من يشاء } : بل إضراب عن تزكيتهم أنفسهم ، إذ ليسوا أهلاً لذلك .
واعلم أنّ المزكي هو الله تعالى ، وأنه تعالى هو المعتد بتزكيته ، إذ هو العالم ببواطن الأشياء والمطلع على خفياتها .
ومعنى يزكي من يشاء أي : من يشاء تزكيته بأن جعله طاهراً مطهراً ، فذلك هو الذي يصفه الله تعالى بأنه مزكي .
{ ولا يظلمون فتيلاً } إشارة إلى أقلّ شيء كقوله : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } فإذا كان تعالى لا يظلم مقدار فتيل ، فكيف يظلم ما هو أكبر منه ؟ وجوزوا أن يعود الضمير في : ولا يظلمون ، إلى الذين يزكون أنفسهم ، وأن يعود إلى من على المعنى ، إذ لو عاد على اللفظ لكان : ولا يظلم وهو أظهر ، لأنه أقرب مذكور ، ولقطع بل ما بعدها عن ما قبلها .
وقيل : يعود على المذكورين من زكى نفسه ، ومن يزكيه الله .
ولم يذكر ابن عطية غير هذا القول .
وقال الزمخشري : ولا يظلمون أي ، الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم أنفسهم حق جزائهم ، أو من يشاء يثابون ولا ينقصون من ثوابهم ونحوه ، فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى انتهى .
وقرأ الجمهور : ألم تر بفتح الراء .
وقرأ السلمي : بسكونها إجراء للوصل مجرى الوقف .
وقيل : هي لغة قوم لا يكتفون بالجزم بحذف لام الفعل ، بل يسكنون بعده عين الفعل .
وقرأ الجمهور : ولا يظلمون بالياء .
وقرأت طائفة : ولا تظلمون بتاء الخطاب ، وانتصاب فتيلاً .
قال ابن عطية : على أنه مفعول ثان ، ويعني على تضمين تظلمون معنى ما يتعدى لاثنين ، والمعنى : مقدار فتيل ، وهو كناية عن أحقر شيء ، وإلى أنه الخيط الذي في شق النواة ذهب ابن عباس وعطاء ومجاهد ، وإلى أنه ما يخرج من بين الأصابع أو الكفين بالفتل ذهب ابن عباس أيضاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.