الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا} (49)

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ الله يُزَكِّي مَن يَشَاءُ } [ النساء :49 ] . لا خِلاَفَ بين المتأوِّلين أنَّ المراد بالآية اليهودُ ، وإنما اختلفوا في المعنَى الَّذي به زَكَّوْا أنفسهم ، فقال الحسن ، وقتادة : ذلك قولُهُمْ : { نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ }[ المائدة : 18 ] ، وقولهم : { لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً }[ البقرة : 111 ] إلى غير ذلك من غُرُورِهِم .

قال ( ع ) : فتقتضي هذه الآيةُ الغَضَّ مِنَ المُزَكِّي لنفسه بلِسَانِهِ ، والإعلامَ بأنَّ الزَّاكِي المزكى مَنْ حَسُنَتْ أفعاله ، وزَكَّاه اللَّه عزَّ وجلَّ ، قال ابْنُ عَبَّاس ، وغيره : الفَتِيلُ : الخَيْطُ الذي في شَقِّ نواة التَّمْرة ، وذلك راجعٌ إلى الكناية عن تَحْقير الشَّيْء وتصغيرِهِ ، وأنَّ اللَّه لا يظلمه ، ولاَ شَيْءَ دونه في الصِّغَر ، فكيف بما فَوْقَهُ ؟ .