الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّـٰشِدُونَ} (7)

أما قوله تعالى : { واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } .

أخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه وابن مردويه عن أبي نضرة قال : قرأ أبو سعيد الخدري { واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } قال : هذا نبيكم يوحى إليه وخيار أمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا فكيف بكم اليوم ؟

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكرنا أنفسنا وكيف لا ننكر أنفسنا والله يقول { واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } قال : هؤلاء أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم لو أطاعهم نبي الله في كثير من الأمر لعنتوا فأنتم والله أسخف قلباً وأطيش عقولاً . فاتّهم رجل رأيه ، وانتصح كتاب الله فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به وانتهى إليه وإن ما سوى كتاب الله تغرير .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } يقول : لأعنت بعضكم بعضاً .

أما قوله تعالى : { ولكن الله حبب إليكم الإِيمان } .

أخرج أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال النبي صلى الله عليه وسلم : «استووا حتى أثني على ربي ، فصاروا خلفه صفوفاً فقال : اللهم لك الحمد كله ، اللهم لا قابض لما بسطت ، ولا باسط لما قبضت ، ولا هادي لما أضللت ، ولا مضل لما هديت ، ولا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت ، ولا مقرب لما بعدت ، ولا مباعد لما قربت ، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ، اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف ، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا ، اللهم حبب إلينا الإِيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين ، غير خزايا ولا مفتونين ، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك ، واجعل عليهم رجزك وعذابك ، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب يا إله الحق » .