الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّـٰشِدُونَ} (7)

{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ } فاتقوا أن تقولوا الباطل ، وتفتروا الكذب ، فإنّ الله سبحانه يخبره أنباءكم ، ويعرّفه أحوالكم ، فتفتضحوا . { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ } فيحكم برأيكم ، ويقبل قولكم . { لَعَنِتُّمْ } لأثمتم وهلكتم . { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ } فأنتم تطيعون رسول الله وتأتمّون به ، فيقيكم الله بذلك العنت . { وَزَيَّنَهُ } وحسّنه { فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } .

ثمّ انتقل من الخطاب إلى الخبر ، فقال عزّ من قائل : { أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } نظيرها قوله سبحانه :

{ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } [ الروم : 39 ] ، قال النابغة :

يا دارميّة بالعلياء فالسند *** أقوتْ وطال عليها سالف الأبد