مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّـٰشِدُونَ} (7)

{ واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله } فلا تكذبوا فإن الله يخبره فينهتك ستر الكاذب ، أو فارجعوا إليه واطلبوا رأيه . ثم قال مستأنفاً { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مِّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ } لوقعتم في الجهد والهلاك ، وهذا يدل على أن بعض المؤمنين زينوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الإيقاع ببني المصطلق وتصديق قول الوليد ، وأن بعضهم كانوا يتصوّنون ويزعهم جدهم في التقوى عن الجسارة على ذلك وهم الذين استثناهم بقوله { ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان } وقيل : هم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى . ولما كانت صفة الذين حبب الله إليهم الإيمان غايرت صفة المتقدم ذكرهم وقعت «لكن » في حاقّ موقعها من الاستدراك وهو مخالفة ما بعدها لما قبلها نفياً وإثباتاً { وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر } وهو تغطية نعم الله وغمطها بالجحود { والفسوق } وهو الخروج عن محجة الإيمان بركوب الكبائر { والعصيان } وهو ترك الانقياد بما أمر به الشارع { أُوْلَئِكَ هُمُ الراشدون } أي أولئك المستثنون هم الراشدون يعني أصابوا طريق الحق ولم يميلوا عن الاستقامة ، والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرشادة وهي الصخرة