بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّـٰشِدُونَ} (7)

ثم قال للمؤمنين رضي الله عنهم : { واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مّنَ الأمر } يعني : ما أمرتم به ، لأن الناس كانوا قد حرضوه على إرسالهم لقتال بني المصطلق ، { لَعَنِتُّمْ } يعني : لأثمتم .

وروى أبو نضرة ، عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ . هذه الآية : { لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ } يعني : هذا نبيكم ، وخياركم { لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ } فكيف بكم اليوم . ويقال : { لَعَنِتُّمْ } أي : لهلكتم . وأصله من عنت البعير إذا انكسرت رجله .

ثم ذكر لهم النعم فقال : { ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان } يعني : جعل حب الإيمان في قلوبكم { وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُمْ } يعني : حسنه للثواب الذي وعدكم . ويقال : دلكم عليه بالحجج القاطعة . ويقال : زينه في قلوبكم بتوفيقه إياكم لقبوله { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر والفسوق والعصيان } يعني : بغض إليكم المعاصي ، والكفر لما بينه من العقوبة .

ثم قال : { أُوْلَئِكَ هُمُ الراشدون } يعني : المهتدون . فذكر أول الآية على وجه المخاطبة ، وآخر الآية بالمغايبة . ثم قال : { أُوْلَئِكَ هُمُ الراشدون } ليعلم أن جميع من كان حاله هكذا ، فقد دخل في هذا المدح . وفي الآية دليل أن من كان مؤمناً ، فإنه لا يحب الفسوق والمعصية ، لأن الله تعالى قال : { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر والفسوق والعصيان } والمؤمن إذا ابتلي بالمعصية ، فإن شهوته وغفلته تحمله على ذلك ، لا لحبه للمعصية .