الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} (44)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { فلما نسوا ما ذكروا به } قال : يعني تركوا ما ذكروا به .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله { فلما نسوا ما ذكروا به } قال : ما دعاهم الله إليه ورسله أبوه وردوه عليهم .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } قال : رخاء الدنيا ويسرها على القرون الأولى .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } قال : يعني الرخاء وسعة الرزق .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { حتى إذا فرحوا بما أوتوا } قال : من الرزق { أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } قال : مهلكون متغير حالهم { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } يقول : قطع أصل الذين ظلموا .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن النضر الحارثي في قوله { أخذناهم بغتة } قال : أمهلوا عشرين سنة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله { فإذا هم مبلسون } قال : المبلس المجهود المكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه ، والمبلس أشد من المستكبر ، وفي قوله { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } قال : استؤصلوا .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد { فإذا هم مبلسون } قال : الاكتئاب . وفي لفظ قال : آيسون .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الإِبلاس تغيير الوجوه ، وإنما سمي إبليس لأن الله نكس وجهه وغيره .

وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني في الكبير وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا وهو مقيم على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج » ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء . . . . } الآية ، والآية التي بعدها .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بقوم بقاء أو نماء رزقهم القصد والعفاف ، وإذا أراد بقوم اقتطاعاً فتح لهم أو فتح عليهم باب خيانة { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } »

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال : من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له ، ثم قرأ { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } الآية . وقال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ، أعطوا حاجاتهم ثم أخذوا .

وأخرج ابن المنذر عن جعفر قال : أوحى الله إلى داود ، خفني على كل حال ، وأخوف ما تكون عند تظاهر النعم عليك ، لا أصرعك عندها ، ثم لا أنظر إليك .

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي حازم قال : إذا رأيت الله يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره . قال : وكل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية .

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة } قال : بغت القوم أمر الله ، ما أخذ الله قوماً قط إلا عند سلوتهم وغرتهم ونعيمهم ، فلا تغتروا بالله فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : إن البعوضة تحيا ما جاعت فإذا شبعت ماتت ، وكذلك ابن آدم إذا امتلأ من الدنيا أخذه الله عند ذلك ، ثم تلا { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة } .