الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} (44)

قوله : { فلما نسوا ما ذكروا به } الآية [ 45 ] .

المعنى : فلما تركوا العمل بما أمروا به على ألسن الرسل{[19855]} .

وقوله : { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي : استدرجناهم بالنعم التي كنا{[19856]} متعناهم إياها{[19857]} .

روي{[19858]} عن النبي عليه السلام أنه قال : " إذا رأيتَ الله يُعطي العبدَ ما يُحِبّ{[19859]} وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج{[19860]} " . ثم نوع{[19861]} بهذه الآية { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } ( إلى قوله { رب العالمين }{[19862]} .

ومعنى : { أبواب كل شيء } أي : كل شيء ){[19863]} كان قد أغلق عنهم من الخير{[19864]} ، جعل مكان الضراء{[19865]} الصحة والسلامة ، ومكان البأساء{[19866]} الرخاء والسعة ، حتى إذا فرحوا بما فتح عليهم من النعيم{[19867]} والصحة اللذين{[19868]} كانا قد أغلق عنهم ، { أخذناهم بغتة } أي : أخذناهم بالعذاب فجأة وهم لا يعلمون{[19869]} .

قال ابن جريج : أخذوا أعجب ما كانت الدنيا إليهم{[19870]} .

{ فإذا هم مبلسون } قال السدي : معناه ، هالكون قد انقطعت{[19871]} حجتهم ، نادمون على ما سلف منهم{[19872]} .

وقال بعض ( أهل ){[19873]} اللغة : معنى { فرحوا بما أوتوا } : ظنوا أنهم إنما{[19874]} أوتوا{[19875]} /{[19876]} ذلك استحقاقا ، قال : والمبلس : الشديد الحسرة الحزين{[19877]} .

قال ابن زيد : الإبلاس أشد{[19878]} من الاستكانة{[19879]} .

وروي عن{[19880]} النبي عليه السلام ( أنه ){[19881]} قال : " إذا رأيت الله يُعطي عبده في دنياه ، فإنما{[19882]} هو استدراج " {[19883]} ، يعطي : يوسع عليه دنياه وهو لا يقلع عن المعاصي . يدل على ذلك الحديث الذي بعده ، ثم تلا هذه الآية " { فلما نسوا ما ذكروا به } الآية [ 6 ] .

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا رأيت الله يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم{[19884]} إياه ، فإنما ذلك استدراج منه لهم " ، ثم تلا الآية{[19885]} .

وقيل : الإبلاس : انقطاع الحجة والسكون{[19886]} .

وقيل : هو الندم والحزن على الشيء يفوت{[19887]} .

وقيل : هو الخشوع{[19888]} . وقال القتبي : ( ( مبلسون ) : يائسون ){[19889]} .


[19855]:انظر: تفسير الطبري 11/357 وفيه أنه قول ابن عباس وابن جريج.
[19856]:الظاهر من الطمس في 0أ9 أنها كما أثبت. ب ج د: كما.
[19857]:انظر: تفسير الطبري 11/358.
[19858]:ب: وروى.
[19859]:ب: يجب. وفي الجامع الصغير 1/26: من الدنيا ما يحب.
[19860]:رواه عقبة بن عامر في مسند أحمد وكبير الطبراني وسنن البيهقي: انظر: الجامع الصغير 1/26.
[19861]:مطموسة في أ.
[19862]:انظر: تفسير الطبري 11/361، 362.
[19863]:ساقطة من ج د.
[19864]:انظر: معاني الزجاج 2/248.
[19865]:ب ج د: الضر.
[19866]:د: البساء.
[19867]:مخرومة في أ. ج د: النعم.
[19868]:ب: الدين. ج د: الذين.
[19869]:انظر: تفسير الطبري 11/358 وما بعدها، ومعاني الزجاج 2/248.
[19870]:انظر: تفسير الطبري 11/360.
[19871]:ج: انقعت. د: انقطت.
[19872]:قال الطبري في تفسيره 11/361: (عن السدي...فإذا هُم مُهلَكون، متغيرٌ حالهم). والذي بين أيدينا كلام الطبري وفيه: (...منقطعة حججهم...) 11/360.
[19873]:ساقطة من ب.
[19874]:مكررة في ب.
[19875]:ج: أتوا.
[19876]:جلها مطموس مع بعض الخرم.
[19877]:ب: الخزير وانظر: معاني الزجاج 2/248، 249.
[19878]:مستدركة في (أ) فوق السطر.
[19879]:انظر: تفسير الطبري 11/361، والفردوس 1/276.
[19880]:ب ج د: أن.
[19881]:ساقطة من ب ج د.
[19882]:ب ج د: انما.
[19883]:انظر: تفسير الطبري 11/361، والفردوس 1/276.
[19884]:د: معصيتهم.
[19885]:ب ج د: هذه الآية. وانظر: تفسير الطبري 11/362.
[19886]:انظر: تفسير الطبري 11/362.
[19887]:انظر: المصدر السابق.
[19888]:انظر: تفسير الطبري 11/363.
[19889]:ب: ياسون. وهذا المعنى في غريبه 153.