تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} (44)

المفردات :

نسوا ما ذكروا به : تركوا الاتعاظ بما خوفوا به ، وهو : البأساء والضراء .

بغتة : فجأة .

مبلسون : متحيرون ، آيسون من النجاة .

التفسير :

44- فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون .

والمعنى : فلما أعرضوا عن النذر والعظات التي وجهها إليهم الرسل ، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق وأسباب القوة والجاه ، حتى إذا اغتروا وبطروا بما أوتوا من ذلك أخذناهم بالعقاب فجأة فإذا هم متحيرون يائسون .

والتعبير بقوله تعالى : فتحنا عليهم أبواب كل شيء . يرسم صورة بليغة لإقبال الدنيا عليهم من جميع أقطارها بجميع ألوان نعمها ، وبكل قوتها وإغرائها ، فهو اختبار لهم بالنعمة بعد أن ابتلاهم بالبأساء والضراء .

وكان الأخذ بغتة وفجأة ليكون أشد وقعا وأفظع هولا ، أي أخذناهم بعذاب الاستئصال حال كوننا مباغتين لهم ، أو حال كونهم مبغوتين فقد فاجأهم العذاب على غرة بدون إمهال .

وإذا في قوله تعالى : فإذا هم مبلسون . فجائية ، والمبلس الباهت الحزين اليائس من الخير الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال .

روى الإمام أحمد بسنده عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا – على معاصيه – ما يحب ، فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . ( 81 ) .