الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} (44)

قوله سبحانه : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ . . . } [ الأنعام :44 ] .

عبر عن الترك بالنِّسْيَانِ ، و{ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْءٍ } أي : من النِّعَمِ الدنيوية ، بعد الذي أَصَابَهُمْ من البَأْسَاءِ والضراء ، و{ فَرِحُواْ } معناه : بطروا ، وأعجِبوا ، وظنوا أن ذَلِكَ لا يَبيدُ ، وأنه دَالٌّ على رضا اللَّه عنهم ، وهو اسْتِدْرَاجٌ من اللَّه تعالى ، وقد رُوِيَ عن بعض العلماء : رحم اللَّه عبداً تَدَبَّر هذه الآية { حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أخذناهم بَغْتَةً } .

وروى عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت اللَّه تعالى يعطي العِبَادَ ما يشاءون على مَعَاصيهم ، فذلك اسْتِدْرَاجٌ ثم تلا : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ . . . } " الآية كلها ) ، و{ أخذناهم } في هذا المَوْضِعِ معناه : استأصلناهم ، ( بَغْتَةً ) أي : فجأة ، والمبلس الحَزِينُ الباهت ، اليَائِسُ من الخَيْرِ الذي لا يَحِيرُ جَوَاباً لشدة ما نَزَلَ به من سوء الحال .