الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱلتَّـٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّـٰٓئِحُونَ ٱلرَّـٰكِعُونَ ٱلسَّـٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (112)

أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : من مات على هذه التسع فهو في سبيل الله { التائبون العابدون } إلى آخر الآية .

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشهيد من كان فيه التسع خصال { التائبون العابدون } إلى قوله { وبشر المؤمنين } .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله { التائبون } قال : تابوا من الشرك وبرئوا من النفاق . وفي قوله { العابدون } قال : عبدوا الله في أحايينهم كلها ، أما والله ما هو بشهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين ولكن كما قال العبد الصالح { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً } [ مريم : 31 ] وفي قوله { الحامدون } قال : يحمدون الله على كل حال في السراء والضراء . وفي قوله { الراكعون الساجدون } قال : في الصلوات المفروضات . وفي قوله { الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر } قال : لم يأمروا بالمعروف حتى ائتمروا به ، ولم ينهوا الناس عن المنكر حتى انتهوا عنه . وفي قوله { والحافظون لحدود الله } قال : القائمون بأمر الله عز وجل { وبشر المؤمنين } قال : الذين لم يغزوا .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله { التائبون } قال : من الشرك والذنوب { العابدون } قال : العابدون لله عز وجل .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { التائبون } قال : الذين تابوا من الشرك ولم ينافقوا في الإِسلام { العابدون } قال : قوم أخذوا من أبدانهم في ليلهم ونهارهم { الحامدون } قال : قوم يحمدون الله على كل حال { السائحون } قال : قوم أخذوا من أبدانهم صوماً لله عز وجل { والحافظون لحدود الله } قال : لفرائضه من حلاله وحرامه .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس { العابدون } قال : الذين يقيمون الصلاة .

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله على السراء والضراء » .

وأخرج ابن المبارك عن سعيد بن جبير قال : إن أول من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله على كل حال ، أو قال : في السراء والضراء .

وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة قالت « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال » .

وأخرج ابن جرير عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : « سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السائحين ، قال « هم الصائمون » .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : كلما ذكر الله في القرآن السياحة هم الصائمون .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال { السائحون } الصائمون .

وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : سياحة هذه الأمة الصيام .

وأخرج الفريابي ومسدد في مسنده وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق عبيد بن عمير عن أبي هريرة قال : « سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السائحين ، فقال « هم الصائمون » .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه وابن النجار من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « السائحون : هم الصائمون » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : « سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السائحين . فقال : «الصائمون » .

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال { السائحون } الصائمون .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { السائحون } قال : هم الصائمون .

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن مثله .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمرو العبدي قال { السائحون } الصائمون الذين يديمون الصيام .

وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال : إنما سمي الصائم السائح لأنه تارك للذات الدنيا كلها من المطعم والمشرب والمنكح ، فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي فاختة مولى جعدة بن هبيرة . أن عثمان بن مظعون أراد أن ينظر أيستطيع السياحة ؟ قال : كانوا يعدون السياحة قيام الليل وصيام النهار .

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي أمامة . أن رجلاً استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السياحة . قال «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله { السائحون } قال : هم المهاجرون ، ليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلا الهجرة ، وكانت سياحتهم الهجرة حين هاجروا إلى المدينة ، ليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ترهب .

وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه قال : كانت السياحة في بني إسرائيل .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله { السائحون } قال : طلبة العلم .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس الآمرون بالمعروف قال : بلا إله إلا الله { والناهون عن المنكر } قال : الشرك بالله { وبشر المؤمنين } قال : الذين لم يغزوا .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله { والحافظون لحدود الله } قال : لفرائض الله التي افترض ، نزلت هذه الآية في المؤمنين الذين لم يغزوا ، والآية التي قبلها فيمن غزا { وبشر المؤمنين } قال : الغازين .

وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في هذه الآية قال : هذه قال فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله قضى على نفسه في التوراة والإِنجيل والقرآن لهذه الأمة أنه من قتل منهم على هذه الأعمال كان عند الله شهيداً ، ومن مات منهم عليها فقد وجب أجره على الله .

وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : الشهيد من لو مات على فراشه دخل الجنة . قال : وقال ابن عباس : من مات وفيه تسع فهو شهيد { التائبون العابدون } إلى آخر الآية .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } يعني بالجنة ، ثم قال : { التائبون } إلى قوله { والحافظون لحدود الله } يعني القائمون على طاعة الله ، وهو شرط اشترطه الله على أهل الجهاد إذا وفوا الله بشرطه وفى لهم بشرطهم .