جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلتَّـٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّـٰٓئِحُونَ ٱلرَّـٰكِعُونَ ٱلسَّـٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (112)

{ التائبون } أي : هم التائبون مدحهم الله تعالى به ، { العابدون } بالإخلاص ، { الحامدون } لله تعالى على كل حال ، { السائحون } الصائمون{[2086]} كما ورد " سياحة أمتي الصوم " يعني في رمضان ، وقيل : من يديم الصوم ، أو المجاهدون أو طلبة{[2087]} العلم ، { الراكعون الساجدون } المصلون ، { الآمرون بالمعروف } بالإيمان والطاعة ، { والناهون عن المنكر } عن الشرك والمعاصي وجاء بحرف العطف إشارة إلى أن ما عطف عليه في حكم خصلة{[2088]} واحدة ، { والحافظون لحدود الله } القائمون بطاعته وهذا مجمل الفضائل ، وما قبله مفصل ، قال بعض العلماء : هذه الثلاثة في حكم خصلة واحدة ، يعني : يرشدون الخلائق إلى الطاعة بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه وهو حفظ حدود الله تعالى في تحليله وتحريمه وعلى هذا وجه للعطف أظهر ، { وبشر{[2089]} المؤمنين } أي : الموصوفين بتلك الفضائل وذكر لفظ المؤمنين دون الضمير للإشعار بأن الإيمان داع إلى ذلك وحذف المبشر به للتعظيم كأنه شيء لا يمكن بيانه .


[2086]:هو قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما شبهوا بذوي السياحة في الأرض في امتناعهم من شهواتهم/ منه.
[2087]:قول عكرمة لأنهم يسيحون في الأرض يطلبون العلم من مظانه/ منه.
[2088]:ولهذا جاء بالواو فإنه جاء بغير حرف العطف لناسب أن يكون مثل الخصال المتقدمة خصلة على حيالها/ منه.
[2089]:وفي الآية الأولى أمرهم بالاستبشار وفي هذه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يبشرهم ومن أين إلى أين، ولمت بشر المؤمنين بالجنة وأنهم هم الين اشتروها علم أن ليس للكافرين نصيب فالاستغفار لهم ظلم ولا يجوز للمؤمنين الظلم فأراد منعهم، وقال: "ما كان للنبي والذين آمنوا" الآية، وأيضا لما بين في أول السورة وجوب البراءة عن الكفار والمنافقين من جميع الوجوه بين في هذه الآية أنه يجب البراءة عن أمواتهم وإن كانوا في غاية القرب كالأب والأم كما وجبت عن أحيائهم والمقصود ببيان وجوب مقاطعتهم على أقصى الغايات والمنع من مواصلتهم بسبب من الأسباب/ كذا في الكبير والوجيز.