الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (117)

أخرج ابن جرير وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس . أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثنا من شأن ساعة العسرة . فقال « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد ، فنزلنا منزلاً فأصابنا فيه عطش حتى ظننا إن رقابنا ستقطع ، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً فادع لنا . فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأهطلت ، ثم سكبت فملأوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر » .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { في ساعة العسرة } قال : غزوة تبوك .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة } قال : هم الذين اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قبل الشام في لهبان الحر على ما يعلم الله من الجهد ، أصابهم فيها جهد شديد حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كان يشقان التمرة بينهما ، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم يمصها أحدهم ثم يشرب عليها الماء ثم يمصها الآخر ، فتاب الله عليهم فأقفلهم من غزوتهم .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن محمد بن عبد الله بن عقيل بن أبي طالب في قوله { الذين اتبعوه في ساعة العسرة } قال : خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير ، وخرجوا في حر شديد فأصابهم يوماً عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ويشربون ماءها ، فكان ذلك عسرة من الماء وعسرة من النفقة وعسرة من الظهر .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن جابر في قوله { الذين اتبعوه في ساعة العسرة } قال : عسرة الظهر ، وعسرة ، وعسرة الماء .

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك . أنه قرأ { من بعد ما زاغت قلوب طائفة منهم } .