الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَوۡ كَانَ عَرَضٗا قَرِيبٗا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (42)

أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : إلا تغزو بني الأصفر لعلك أن تصيب ابنة عظيم الروم ؟ فقال رجلان : قد علمت يا رسول الله أن النساء فتنة فلا تفتنا بهن فأْذَن لنا . فأذن لهما ، فلما انطلقا قال أحدهما : إن هو إلا شحمة لأوّل آكل ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل عليه في ذلك شيء ، فلما كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المياه { لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك } ونزل عليه { عفا الله عنك لم أذنت لهم } [ التوبة : 43 ] ونزل عليه { لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر } [ التوبة : 43 ] ونزل عليهم { إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون } [ التوبة : 95 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما { لو كان عرضاً قريباً } قال : غنيمة قريبة { ولكن بعدت عليهم الشقة } قال : المسير . وأخرجه ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { لو كان عرضاً قريباً } يقول : دنيا يطلبونها { وسفراً قاصداً } يقول : قريباً .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله { والله يعلم إنهم لكاذبون } قال : لقد كانوا يستطيعون الخروج ولكن كان تبطئة من عند أنفسهم وزهادة في الجهاد .