وقوله تعالى : ( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ ) قال بعض أهل التأويل : ( لو كان عرضا قريبا أي غنيمة قريبة ( وسفر قاصدا ) أي هينا ( لاتبعوك ) في غزواتك[ في الأصل وم : غزاتك ] ( وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ ) يعني المسير ، وقيل العرض : الدنيا ( وسفرا قاصدا ) ليس فيه مشقة .
وأصل قوله : ( لو كان عرضا قريبا ) أي منافع حاضرة ( وسفرا قاصدا ) أي منافع غائبة ، والعرض المنافع . يقول : لو كانت لهم منافع حاضرة ( لاتبعوك ) في ما استتبعتهم لأن عادتهم اتباع المنافع ؛ يعني المنافقين كقوله : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه )[ الحج : 11 ] أخبر أنهم يعبدون الله على حرف ؛ وهو ما ذكر( فإن أصابه خير اطمأن به ) فمن عادتهم أنهم إنما يتبعون المنافع ، وإليها يميلون .
وأما المؤمنون يعبدون الله في كل حال : في حالة السعة وفي حالة الضيق ، ويتبعون رسول الله ، ولا يفارقونه ، كانت لهم منافع ، أو لم تكن ، أصابتهم مشقة ، أو لا ؛ هم لا يفارقون رسول الله على كل حال .
وقوله تعالى : ( وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ) أي لو كان لنا ظهر وسلاح ( لخرجنا معكم ) ولو كان [ معنا ][ ساقطة من الأصل وم ] زاد وما نشتر ما نحارب به ( لخرحنا معكم ) .
ثم أخبر أنه لهم استطاعة على ذلك ، وأنهم كاذبون أنه لا استطاعة لهم حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ) ؟ [ التوبة : 46 ] .
وقالت المعتزلة : دل قوله : ( لو استطعنا لخرجنا معكم ) أن الاستطاعة تتقدم الفعل لأنه أخبر أنهم كاذبون في ما يقولون : إنه ليس معنا ما ننفق ، وما نشتري به السلاح . لكنا نقول : إن الاستطاعة على وجهين : استطاعة الأسباب والأحوال واستطاعة الأفعال .
واستطاعة الأسباب والأحوال يجوز أن تتقدم ، وهذه الاستطاعة هي استطاعة الأسباب والأحوال . ألا ترى أنه قال ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ) ؟ [ التوبة : 46 ] .
ومن قوله أيضا : أن استطاعة الأفعال لا تبقى أوقاتا . ثم إن هذه أخبر أنها كانت باقية أوقاتا . دل أنها استطاعة الأسباب والأحوال .
وقوله تعالى : ( يهلكون أنفسهم ) قيل ( يهلكون أنفسهم ) بأيمانهم الكاذبة أنهم لا يستطيعون . وقيل : ( يهلكون أنفسهم ) بتركهم الخروج لأنهم يُقتلون إذا تركوا الخروج كقوله ( ملعونين ) الآية[ الأحزاب : 61 ] . ويحتمل ( يهلكون أنفسهم ) في الآخرة بنفاقهم في الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.