لما ذكر الله سبحانه الوعيد على عدم الإيمان بالمعاد ، ذكر أن هذا العذاب من حقه أن يتأخر عن هذه الحياة الدنيا . قال القفال : لما وصفهم بالغفلة أكد ذلك بأن من غاية غفلتهم أن الرسول متى أنذرهم استعجلوا العذاب ، فبيّن الله سبحانه أنه لا مصلحة في إيصال الشرّ إليهم ، فلعلهم يتوبون ويخرج من أصلابهم من يؤمن ، قيل : معنى { وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير } لو عجل الله للناس العقوبة كما يتعجلون بالثواب والخير { لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } أي : ماتوا . وقيل المعنى : لو فعل الله مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم . وقيل : الآية خاصة بالكفار الذين أنكروا البعث ، وما يترتب عليه . قال في الكشاف : وضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم الخير ، إشعاراً بسرعة إجابته وإسعافه بطلبتهم حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل له . والمراد : أهل مكة ، وقولهم : { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء } الآية . قيل : والتقدير : ولو يعجل الله لهم الشرّ عند استعجالهم به تعجيلاً مثل تعجيله لهم الخير عند استعجالهم به ، فحذف ما حذف لدلالة الباقي عليه . قال أبو عليّ الفارسي : في الكلام حذف ، والتقدير : { وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ الشر } تعجيلاً مثل { استعجالهم بالخير } ثم حذف تعجيلاً وأقام صفته مقامه ، ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه قال : هذا مذهب الخليل وسيبويه ، وهو قول الأخفش والفرّاء ، قالوا : وأصله كاستعجالهم ، ثم حذف الكاف ونصب . قال الفراء : كما تقول : ضربت زيداً ضربك ، أي كضربك ، ومعنى { لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } لأهلكوا ، ولكنه سبحانه لم يعجل لهم الشرّ فأمهلوا . وقيل معناه : أميتوا . وقرأ ابن عامر «لقضى » على البناء للفاعل ، وهي قراءة حسنة لمناسبة ذلك لقوله : { وَلَوْ يُعَجّلُ الله } قوله : { فَنَذَرُ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } الفاء للعطف على مقدّر يدلّ عليه الكلام ، لأن قوله : { وَلَوْ يُعَجّلُ الله } يتضمن نفي التعجيل ، فكأنه قيل : لكن لا يعجل لهم الشرّ ، ولا يقضي إليهم أجلهم ، فنذرهم الخ : أي فنتركهم ونمهلهم ، والطغيان : التطاول ، وهو العلوّ والارتفاع ، ومعنى { يَعْمَهُونَ } يتحيرون ، أي نتركهم يتحيرون في تطاولهم وتكبرهم ، وعدم قبولهم للحق استدراجاً لهم منه سبحانه وخذلاناً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.