فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰ لَا تَخَفۡ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (10)

وجملة { وَأَلْقِ عَصَاكَ } معطوفة على { بورك } ، وفي الكلام حذف ، والتقدير فألقاها من يده فصارت حية { فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ } قال الزجاج : صارت العصا تتحرك كما يتحرّك الجانّ ، وهي الحية البيضاء ، وإنما شبهها بالجانّ في خفة حركتها ، وشبهها في موضع آخر بالثعبان لعظمها ، وجمع الجانّ جنان ، وهي الحية الخفيفة الصغيرة الجسم . وقال الكلبي : لا صغيرة ولا كبيرة { ولى مُدْبِراً } من الخوف { وَلَمْ يُعَقّبْ } أي لم يرجع ، يقال عقب فلان إذا رجع ، وكل راجع معقب ، وقيل لم يقف ، ولم يلتفت . والأوّل أولى ؛ لأن التعقيب هو الكرّ بعد الفرّ .

فلما وقع منه ذلك قال الله سبحانه : { ياموسى لاَ تَخَفْ } أي من الحية وضررها { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون } أي لا يخاف عندي من أرسلته برسالتي فلا تخف أنت . قيل ونفي الخوف عن المرسلين ليس في جميع الأوقات ، بل في وقت الخطاب لهم ؛ لأنهم إذ ذاك مستغرقون .

/خ14