الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٖۖ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ شُحُومَهُمَآ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَآ أَوِ ٱلۡحَوَايَآ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ بِعَظۡمٖۚ ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِبَغۡيِهِمۡۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ} (146)

قوله سبحانه : { وَعَلَى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ . . . } [ الأنعام :137 ] .

هذا خبر مِنَ اللَّهِ سبحانه يتضمَّن تكذيبَ اليَهُودِ في قولهم : «إن اللَّه لم يحرِّم علينا شيئاً ، وإنما حرمنا على أنفسنا ما حَرَّمه إسرائيل على نفسه » ، و{ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } : يراد به الإبلُ ، والنَّعَام ، والإوَزُّ ونحوه من الحيوانِ الذي هو غير مُنْفَرِجِ الأصابع ، وله ظُفُر ، وأخبرنا سبحانه في هذه الآية بتحريمِ الشحومِ عليهم ، وهي الثُّرُوب وشَحْمُ الكلى ، ومَا كان شحماً خالصاً خارجاً عن الاستثناء الذي في الآية ، واختلف في تحريم ذلك على المسلمين من ذبائحهم ، فعن مالكٍ : كراهيةُ شحومهم من غير تحريمٍ .

وقوله تعالى : { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } ، يريد : ما اختلط باللحْمِ في الظَّهْرِ والأجنابِ ونحوه ، قال السُّدِّيُّ وأبو صالح : الإَلْيَاتُ ممَّا حملَتْ ظهورهما ، والحَوَايَا : ما تحوى في البَطْن ، واستدار ، وهي المَصَارِينُ والحُشْوة ، ونحوها ، وقال ابن عباس وغيره : هي المَبَاعِر ، وقوله : { أَوْ مَا اختلط بِعَظْمٍ } ، يريد : في سائر الشخْصِ .

وقوله سبحانه : { ذلك جزيناهم بِبَغْيِهِمْ } يقتضي أنَّ هذا التحريم إنما كان عقوبةً لهم على بغيهم ، واستعصائهم على أنبيائهم .

وقوله سبحانه : { وِإِنَّا لصادقون } : إخبار يتضمَّن التعريضَ بكَذِبهم في قولهم : ما حرَّم اللَّهُ علينا شيئاً .