عبّر سبحانه بالإنزال عن الخلق ، أي خلقنا لكم لباساً يواري سوآتكم التي أظهرها إبليس من أبويكم ، والسوأة العورة كما سلف ، والكلام في قدرها وما يجب ستره منها مبين في كتب الفروع . قوله : { وَرِيشًا } قرأ الحسن وعاصم ، من رواية المفضل الضبي ، وأبو عمرو ، من رواية الحسن بن عليّ الجعفي «ورياشاً » وقرأ الباقون { وريشاً } والرياش جمع ريش : وهو اللباس . قال الفراء : ريش ورياش كما يقال : لبس ولباس ، وريش الطائر ما ستره الله به . وقيل المراد بالريش هنا : الخصب ورفاهية العيش . قال القرطبي : والذي عليه أكثر أهل اللغة : أن الريش ما ستر من لباس أو معيشة . وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة : وهبت له دابة وريشها ، أي وما عليها من اللباس . وقيل : المراد بالريش هنا لباس الزينة لذكره بعد قوله : { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا } وعطفه عليه .
قوله : { وَلِبَاسُ التقوى } قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي بنصب لباس . وقرأ الباقون بالرفع ؛ فالنصب على أنه معطوف على لباس الأوّل ، والرفع على أنه مبتدأ ، وجملة { ذلك خَيْرٌ } خبره ، والمراد بلباس التقوى : لباس الورع ، واتقاء معاصي الله ، وهو الورع نفسه والخشية من الله ، فذلك خير لباس وأجمل زينة . وقيل : لباس التقوى الحياء . وقيل : العمل الصالح ، وقيل : هو لباس الصوف والخشن من الثياب لما فيه من التواضع لله . وقيل : هو الدرع والمغفر الذي يلبسه من يجاهد في سبيل الله ، والأوّل أولى . وهو يصدق على كل ما فيه تقوى لله فيندرج تحته جميع ما ذكر من الأقوال ، ومثل هذه الاستعارة كثيرة الوقوع في كلام العرب ، ومنه :
إذ المرء لم يلبس ثياباً من التقى *** تقلب عرياناً وإن كان كاسيا
تغطّ بأثواب السخاء فإنني *** أرى كل عيب والسخاء غطاؤه
والإشارة بقوله : { ذلك } إلى لباس التقوى ، أي هو خير لباس ، وقرأ الأعمش : { وَلِبَاسُ التقوى خَيْرٌ } والإشارة بقوله :{ ذلك مِنْ آيات الله } إلى الإنزال المدلول عليه بأنزلنا ، أي ذلك الإنزال من آيات الله الدالة على أنه له خالقاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.