{ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور( 22 ) ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور( 23 )نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ( 24 ) }
يسلم وجهه : يفوض إلى الله جميع أموره .
محسن : مطيع لله في أمره ونهيه .
العروة الوثقى : أوثق العرى وأمتنها وهو مثل وأصله : أن من يرقى إلى جبل شاهق أو يريد النزول منه يستمسك بحبل متين مأمون الانقطاع .
عاقبة الأمور : مصير الأمور ونهايتها .
{ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وغلى الله عاقبة الأمور . }
ومن يفوض أمره إلى الله ويعتمد عليه سبحانه مع إخلاص القلب وطهارة النية فقد تمسك بالعروة الوثقى ، والحبل القوي المتين .
والأصل في العروة الوثقى : أنها الحبل القوي الذي إذا أراد إنسان صعود جبل أو النزول منه تعلق به فهي تعبير مصور لبيان أن المسلم المخلص لله المعتمد عليه متمسك بأقوى سبب وأوثق قوة .
{ وإلى الله عاقبة الأمور } أي : مصير الأمور ونهايتها إلى الله ومن وجد الله وجد كل شيء ومن فقد الله فقد كل شيء .
{ فقد استمسك بالعروة الوثقى . . . } أي : فقد أخذ موثقا من الله متينا أنه لا يعذبه .
وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير :
أوثق العرى جانب الله لأن كل ما عداه هالك منقطع وهو باق لا انقطاع له .
قوله عز وجل :{ ومن يسلم وجهه إلى الله } يعني : لله ، أي : يخلص دينه لله ، ويفوض أمره إلى الله ، { وهو محسن } في عمله ، { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي : اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه . { وإلى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور* }
قوله تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله " أي يخلص عبادته وقصده إلى الله تعالى . " وهو محسن " لأن العبادة من غير إحسان ولا معرفة القلب لا تنفع . نظيره : " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " {[12612]} [ طه : 112 ] . وفي حديث جبريل قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) . " فقد استمسك بالعروة الوثقى " قال ابن عباس : لا إله إلا الله ؛ وقد مضى في " البقرة " {[12613]} . وقد قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والسلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار : " ومن يسلم " . النحاس : و " يسلم " في هذا أعرف ؛ كما قال عز وجل : " فقل أسلمت وجهي{[12614]} لله " [ آل عمران : 20 ] ومعنى : " أسلمت وجهي لله " قصدت بعبادتي إلى الله عز وجل ، ويكون " يسلم " على التكثير . إلا أن المستعمل في سلمت أنه بمعنى دفعت . يقال سلمت في الحنطة ، وقد يقال أسلمت . الزمخشري : قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : " ومن يسلم " بالتشديد ، يقال : أسلم أمرك وسلم أمرك إلى الله تعالى ، فإن قلت : ماله عدي بإلى ، وقد عدي باللام في قول عز وجل : " بلى من أسلم وجهه{[12615]} لله " ؟ [ البقرة : 112 ] قلت : معناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالما لله ، أي خالصا له . ومعناه مع إلى راجع إلى أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه . والمراد التوكل عليه والتفويض إليه . " وإلى الله عاقبة الأمور " أي مصيرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.