تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩} (24)

21

المفردات :

الخلطاء : الشركاء .

فتناه : امتحنّاه وابتليناه .

فاستغفر ربه : سأله المغفرة والصفح .

خر راكعا : سقط وهوى ساجدا .

وأناب : ورجع إلى الله تعالى بالتوبة .

التفسير :

24-{ قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه ، وخرّ راكعا وأناب .

أي قال داود للشاكي : إنّ أخاك قد ظلمك حين طلب منك أن تضم نعجتك إلى نعاجه ، فأنت فقير بسيط ، يجب عليك أن يقويك ويزيدك ، لا أن يأخذ منك ، ورغب داود في مواساة الشاكي فبين له أن كثيرا من الخلطاء والشركاء يجور بعضهم على بعض في التعامل ، كما قال المتنبي :

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفّة فلعلة لا يظلم .

إلا المؤمنين الذين يراقبون الله ، ويرغبون في صالح الأعمال ، فيبتعدون عن الظلم والطمع والجشع ، وما أقل هؤلاء عددا ، وأنذرهم وجودا ، كما قال تعالى : { وقليل من عبادي الشكور } . [ سبأ : 13 ] .

ولعل هذه القضية ذكّرت داود بشيء ما طمع فيه من صاحبه ، قد يكون فرسا جميلا ، أو أرضا ، أو أي شيء رغب في تملّكه وهو النبيّ الملك ، وكانت هذه القضية وسيلة ذكّرته شيئا ما فعله شبيها بها ، فاستغفر الله عما فعله ، وخرّ ساجدا ، راجعا مُنيبا إلى الله تعالى مستغفرا .

وقيل : إن داود تسرع في الحكم فقضى للمدّعي قبل أن يسمع دفاع المدَّعَى عليه ، ثم تنبّه للأمر فاستغفر الله وخر ساجدا لله ، وأناب إليه لأنه لم يسمع شهادة الشهود ، أو لم يسمع قول المدّعى عليه .

وقيل : إن داود عليه السلام احتجب عن رعيته متبتلا ، منقطعا لعبادة ربّه ، فعوقب في ذلك ، وكانت هذه المحاورة لتذكيره بأن القضاء بين الناس ، والانشغال بشئون الرعية أولى من التبتل والعبادة ، فاستغفر الله لذلك فغفر الله له .

قال ابن عباس : إن داود جزأ زمانه أربعة أجزاء : يوما للعبادة ، ويوما للقضاء ، ويوما للاشتغال بخواص أموره ، ويوما يجمع فيه بني إسرائيل فيعظهم ويبكيهم ، ففاجأوه في غير يوم القضاء ففزع منهم لأنهم نزلوا عليه من فوق ، وفي يوم الاحتجاب ، والحرس حوله لا يتركون من يدخل عليه .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩} (24)

شرح الكلمات :

{ لقد ظلمك بسؤال نعجتك } : أي بطلبه نعجتك وضمها إلى نعاجه .

{ من الخلطاء ليبغي بعضهم } : أي الشركاء يظلم بعضهم بعضا .

{ وظن داود أنما فتناه } : أي أيقن داود أنما فتنه ربه أي اختبره .

{ فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب } : أي طلب المغفرة من ربه بقوله استغفر الله وسقط ساجدا على الأرض وأناب أي رجع تائبا إلى ربه .

المعنى :

فقال داود على الفور وبدون أن يسمع من الخصم الثاني { لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه } وعلل لذلك بقوله { وإن كثيراً من الخلطاء } أي الشركاء في زرع أو ماشية أو تجارة { ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وهم أهل الإِيمان والتقوى فإِنهم يسلمون من مثل هذه الاعتداءات ، { وقليل ما هم } أي وهم قليل جداً ، وهنا طار الملكان من بين يدي داود وعرجا إلى السماء فعلم عندئذ أنما فتنه ربّه كما رغب إليه وأنه لم يصبر حيث قضى بدون أن يسمع من الخصم الثاني فكانت زلة صغيرة أرته أن ما ناله إبراهيم واسحق ويعقوب من الكمال كان نتيجة ابتلاء عظيم ، وهنا استغفر داود ربّه { وخر راكعا } يبكي ويطلب العفو وأناب إلى ربّه في أمره كله .

الهداية :

من الهداية :

- حرمة إصدار القاضي أو الحاكم الحكم قبل أن يسمع الدعوى من الخصمين معاً إذ هذا محل الفتنة التي كانت لداود عليه السلام .

- وجوب التوبة عند الوقوع في الذنب .

- مشروعية السجود عند قراءة هذه الآية { وخرّ راكعاً وأناب } .