تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

{ أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رايتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا . }

المفردات :

أشحة عليكم : مفرده شحيح أي بخيل بالنصرة والمعاونة .

تدور أعينهم : تدير أعينهم أحداقهم من شدة الخوف .

سلقوكم : آذوكم بالكلام وبالغوا في شتمكم .

ألسنة حداد : قاطعة سلطة تفعل فعل الحديد .

أشحة على الخير : بخلاء على الإنفاق في سبيل الله .

أحبط : أبطل الله أعمالهم لإضمارهم الكفر .

التفسير :

ترسمن الآية صورة بارزة المعالم للمنافقين عنوانها : الجبن في البأساء والطمع في الرخاء وعند الغنيمة .

{ أشحة عليكم . . . } عندهم شح و بخل بالمال والنفس والإنفاق في سبيل الله وإذا جاء الخوف وبدأت المعركة وطار الشجعان إلى القتال رأيت هؤلاء المنافقين الجبناء في خوف وهلع وقد دارت أعينهم في رؤوسهم فرقا وخوفا كدوران عين الذي قرب من الموت وغشيته أسبابه فإنه إذ ذاك يذهب لبه ويشخص بصره فلا يتحرك طرفه .

{ فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد . . . . } فإذا جاء الرخاء وانتهت المعركة تحول هؤلاء الجبناء إلى متظاهرين بالشجاعة يفخرون بما لهم من المشاركة في البأساء والحرب ولهم ألسنة قوية كأنها الحديد في بيان الحجة ، والمنازل العالة التي قدموها في الحرب .

قال قتادة : أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوؤه مقاسمة يقولون : أعطونا أعطونا لقد شهدنا معكم وأما عند البأس فاجبن قوم وأخذله للحق أه .

قال الشاعر :

أفي السلم أعيار جفاء وغلظة *** وفي الحرب أمثال النساء العوارك22

{ أشحة على الخير . . . . } بخلاء أشحاء بالمال لا ينفقونه في سبيل الله أو مبالغون في حب المال والغنيمة والشح بها أن تنتقل من أيديهم إلى أيدي المؤمنين بسبب نفاقهم فالإيمان لم يتسرب إلى قلوبهم وإن تظاهروا بالإسلام .

قال الفخر الرازي :

{ أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم . . . . } يعنى لم يؤمنوا حقيقة وإن أظهروا الإيمان لفظا فأحبط الله أعمالهم التي كانوا يأتون بها مع المسلمين .

{ وكان ذلك على الله يسيرا . . . . . } أي كشف أعمالهم وتبين خفاياهم ومعاملتهم بالعدل والحق والقسطاس المستقيم كان أمرا سهلا هينا على الله فهو سبحانه قادر عادل مطلع لا معقب لأمره ولا يخشى من اعتراض أحد لأنه عادلا منصف .

قال الزمخشري :

وفي هذا حث على إتقان المكلف أساس أمره وهو الإيمان الصحيح وتنبيه على أن الأعمال الكثيرة من غير تصحيح الإيمان كالبناء على غير أساس وأنها مما يذهب عند الله هباء منثورا .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

{ أشحة عليكم } بخلاء عليكم بالنصرة والنفقة في سبيل الله والمعاونة في حفر الخندق ، وبكل ما فيه منفعة لكم . جمع شحيح ؛ من الشح وهو البخل مع الحرص . منصوب على الحال من ضمير " يأتون " . { فإذا جاء الخوف } من جهة العدو أو منه صلى الله عليه وسلم{ رأيتهم ينظرون إليك } خوفا من القتال أو منك{ تدور أعينهم } بأحداقهم يمينا وشمالا دون أن تطرف . { كالذي يغشى عليه من الموت } أي كدوران عيني الذي تغشاه سكرات الموت ؛ لذهوله وشدة خوفه .

{ سلقوكم بألسنة حداد } أي بسطوا فيكم ألسنتهم الذرية بالأذى والسب والتنقيص . يقال : سلق البيض وغيره يسلقه ، أغلاه بالنار إغلاءة خفيفة . وسلقه بالكلام : آذاه به . وأصل السلق :

بسط العضو ومده للقهر ، يدا كان أو لسانا . و " حداد " : أي ماضية صارمة تؤثر تأثير الحديد . يقال : حد السكين وأحدها وحددها ، مسحها بحجر أو مبرد ؛ فهي حديد . { أشحة على الخير } بخلاء حريصين على الغنيمة ، يشاحون المؤمنين عند قسمتها .