تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

المفردات :

فاطر السماوات والأرض : خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق .

يذرؤكم فيه : يكثركم بسبب هذا التزاوج بين الذكور والإناث .

ليس كمثله شيء : ليس له مثيل في ذاته أو صفاته أو أفعاله .

التفسير :

11 – { فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } .

هو سبحانه خالق السماوات والأرض ، ومبدعهما على غير مثال سابق ، وهو خالق الكون وخالق الإنسان والحيوان ، وقد خلق من كل شيء زوجين ، فخلق حواء من آدم ، وخلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ، إن هذا التزاوج بين الرجل المرأة مصدر الرحمة والمودة ، والأنس والسكن والنسل ، وهذا التزاوج بين الحيوانات مصدر التكاثر بينها ، وعمارة الكون ، وقد أراد الله لهذا الإنسان التكاثر ، وللحيوان التكاثر ، والقدرة كلها في يده ، والملك في يده ، وليس له مثيل أو نظير ، فهو المالك القادر ، والأوثان الأصنام لا تملك شيئا ولا تخلق شيئا ، وهو سبحانه مطلع وشاهد ، سميع بكل شيء ، بصير بكل شيء .

وقريب من ذلك المعنى قوله تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } . ( الروم : 21 ) .

وقوله تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات . . . } ( النحل : 72 ) .

قال ابن كثير :

{ يذرؤكم فيه . . . }

يخلقكم فيه ، أي في ذلك الخلق على هذه الصفة ، ولا يزال يذرؤكم فيه ذكورا وإناثا ، خلقا من بعد خلق ، وجيلا من بعد جيل ، ونسلا من بعد نسل ، من الناس والأنعام .

وقال البغوي :

{ يذرؤكم فيه . . . }

أي : في الرحم ، وقيل : في البطن ، وقيل : في هذا الوجه من الخلقة .

قال مجاهد :

نسلا بعد نسل من الناس والأنعام ، وقيل : ( في ) بمعنى الباء ، أي : يذرؤكم به . اه .

أي : يكثركم بسبب هذا التزاوج بين الذكور والإناث .

إن الحكمة العليا جعلت التزاوج بين الذكر والأنثى وسيلة لإعمار الكون والحياة والسحاب والأمطار .

قال تعالى : { ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } . ( الذاريات : 49 ) .

وقال عز شأنه عن قصة نوح عليه السلام : { حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل } . ( هود : 40 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

فاطر السموات والأرض : خالقهما ومبدعهما .

من أنفسكم أزواجا : من جنسكم ، وعبّر بأنفسكم لأن أقرب شيء إلى الإنسان زوجته . ومن الأنعام أزواجا : ذكراً وأنثى .

يذرؤكم فيه : يكثركم بهذا التدبير المحكم ، ذرأ الله الخلق : بثّهم وكثّرهم .

الله ربي وربكم خالقُ السموات والأرض على أحسن مثال .

{ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأنعام أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ }

خلق لكم من جنسكم زوجاتٍ لتسكنوا إليها . . . . وعبّر بقوله « من أنفسكم » لأن أقربَ إنسان للمرء هي زوجته ، فكأنها منه ومن نفسه . وخلق لكم من الأنعام أزواجا ذكورا وإناثا .

{ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ }

لتتناسلوا وتكثروا بهذا التدبير المحكم .

ثم بين بعد ذلك أنه مخالفٌ لكل الحوادث لا يشبهه شيء { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ، { وَهُوَ السميع البصير } ، السميع لما يجري وينطِق به الخلقُ ، والبصيرُ بأعمالهم ،

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

{ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنْ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ( 11 ) }

الله سبحانه وتعالى هو خالق السموات والأرض ومبدعهما بقدرته ومشيئته وحكمته ، جعل لكم من أنفسكم أزواجًا ؛ لتسكنوا إليها ، وجعل لكم من الأنعام أزواجًا ذكورًا وإناثًا ، يكثركم بسببه بالتوالد ، ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته ، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله ؛ لأن أسماءه كلَّها حسنى ، وصفاتِه صفات كمال وعظمة ، وأفعالَه تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك ، وهو السميع البصير ، لا يخفى عليه مِن أعمال خلقه وأقوالهم شيء ، وسيجازيهم على ذلك .