تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

15

المفردات :

جعلوا : سموا .

أشهدوا خلقهم : أحضروا خلق الملائكة فشاهدوهم إناثا ؟

ستكتب شهادتهم : ستسجل في ديوان أعمالهم .

التفسير :

19- { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون } .

أي : اعتقدوا أن الملائكة إناث مع أنهم عباد مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، فهم نسبوا الملائكة -الذين هم أكمل العباد وأكرمهم على الله- للأنوثة .

{ أشهدوا خلقهم . . . }

أحضروا وقت خلق الله لهم ، حتى عرفوا أنهم إناث ؟ وهذا تجهيل وتهكم بهم .

{ ستكتب شهادتهم ويسألون . . . }

سيسجل الكتبة من الملائكة أقوالهم واعترافاتهم التي يلقونها جزافا ، دون أي سند من اليقين ، وسيسألون عنها يوم القيامة .

قال المفسرون : حكى القرآن عن كفار العرب ثلاثة أقوال شنيعة :

الأول : أنهم نسبوا إلى الله الولد .

الثاني : أنهم نسبوا إليه البنات دون البنين .

الثالث : أنهم حكموا على الملائكة المكرمين بالأنوثة بلا دليل ولا برهان ، فكذبهم القرآن الكريم في تلك ا لأقوال .

لطيفة :

روى أن بعض العرب وضعت امرأته أنثى فهجر البيت الذي ولدت فيه ، وجلس في بيت زوجته الأخرى ، فاحتالت زوجته لاستمالة زوجها ، وأخذت تغني وتقول :

ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا

غضبان ألا نلد البنينا *** وليس لنا من أمرنا ما شينا

وإنما نأخذ ما أعطينا *** ونحن كالأرض لزارعينا

ننبت ما قد غرسوه فينا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

" وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " قرأ الكوفيون " عباد " بالجمع . واختاره أبو عبيد ؛ لأن الإسناد فيها أعلى ، ولأن الله تعالى إنما كذبهم في قولهم إنهم بنات الله ، فأخبرهم أنهم عبيد وأنهم ليسوا ببناته . وعن ابن عباس أنه قرأ " عباد الرحمن " ، فقال سعيد بن جبير : إن في مصحفي " عبد الرحمن " فقال : امحها واكتبها " عباد الرحمن " . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : " بل عباد مكرمون " {[13603]} [ الأنبياء : 26 ] . وقوله تعالى : " فحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء " {[13604]} [ الكهف : 102 ] . وقوله تعالى : " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " {[13605]} [ الأعراف : 194 ] وقرأ الباقون " عند الرحمن " بنون ساكنة واختاره أبو حاتم . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : " إن الذين عند ربك " {[13606]} وقوله : " وله من في السماوات والأرض ومن عنده " {[13607]} [ الأنبياء : 19 ] . والمقصود إيضاح كذبهم وبيان جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه ، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله . وذكر العباد مدح لهم ، أي كيف عبدوا من هو نهاية العبادة ، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل . والجعل هنا بمعنى القول والحكم ، تقول : جعلت زيدا أعلم الناس ، أي حكمت له بذلك . " أشهدوا خلقهم " أي أحضروا حالة خلقهم حتى حكموا بأنهم إناث . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم وقال : [ فما يدريكم أنهم إناث ] ؟ فقالوا : سمعنا بذلك من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا في أنهم إناث ، فقال الله تعالى : " ستكتب شهادته ويسألون " أي يسألون عنها في الآخرة . وقرأ نافع " أوشْهدوا " {[13608]} بهمزة استفهام داخلة على همزة مضمومة مسهلة ، ولا يمد سوى ما روى المسيبي عنه أنه يمد . وروى المفضل عن عاصم مثل ذلك وتحقق الهمزتين . والباقون " أشهدوا " بهمزة واحدة للاستفهام .

وروي عن الزهري " أُشْهِدوا خلقهم " على الخبر ، " ستكتب " قراءة العامة بضم التاء على الفعل المجهول " شهادتهم " رفعا . وقرأ السلمي وابن السميقع وهبيرة عن حفص " سنكتب " بنون ، " شهادتهم " نصبا بتسمية الفاعل . وعن أبي رجاء " ستكتب شهاداتهم " بالجمع .


[13603]:آية 26 سورة الأنبياء.
[13604]:آية 102 سورة الكهف.
[13605]:آية 194 سورة الأعراف.
[13606]:آخر سورة الأعراف.
[13607]:آية 19 سورة الأنبياء.
[13608]:رسمناها هكذا تصويرا للنطق.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

قوله : { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرّحمان إناثا أشهدوا خلقهم } أي اعتقد المشركون الجهلة أن الملائكة بنات فهم بذلك إناث فأنكر الله عليهم هذا الزعم المستهجن فقال : { أشهدوا خلقهم } الاستفهام للإنكار والتوبيخ ، أي أشاهدوهم ، إذ خلقهم الله إناثا أو أحضروا خلق الله إياهم ، لأن قوله : { أشهدوا } من الشهادة وهي الحضور .

قوله : { ستكتب شهادتهم } وذلك وعيد من الله لهم وتهديد . وهو أن هذه الشهادة الظالمة التي شهدوا بها سيكتبها الله في أعمالهم ليجازيهم عليها يوم الجزاء { ويسئلون } أي يسألون يوم القيامة عما كانوا يفترون ويزعمون من الأباطيل .