تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

1

المفردات :

يتفطرن : يتشققن من عظمة الله وجلاله ، وقيل : من ادعاء الولد له .

يسبحون : ينزهون الله عما لا يليق .

ويستغفرون لمن في الأرض : يسألون الله أن يغفر للمقصرين في الأرض من المؤمنين .

التفسير :

5- { تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم } .

هذه السماوات السبع على عظمها ، وعظم خلقها ، وشموسها وأقمارها ونجومها ، وما فيها من أفلاك وأملاك ، تكاد تتشقق وجلا وخوفا من عظمة الله وجلاله ، أو تكاد تتشقق من كثرة الملائكة ، فليس في السماء موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد يسبح الله تعالى ، أو تكاد تتشقق من ادعاء الكفار لله ولدا ، كما ورد في الآيات ( 88-93 ) من سورة مريم وفيها يقول سبحانه : { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ( 88 ) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ( 89 ) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ( 90 ) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ( 91 ) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ( 92 ) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( 93 ) } .

وخلاصة معنى الآية :

تكاد السماوات - مع عظمهن وتماسكهن - يتشققن من فوقهن ، خشية من الله ، وتأثرا بعظمته وجلاله ، والملائكة ينزهون الله عما لا يليق به ، مثنين عليه بما هو أهله ، ويسألون الله المغفرة لأهل الأرض ، وقد ورد هذا المعنى في الآية 7 من سورة غافر ، حيث يقول سبحانه وتعالى : { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا . . . } .

{ ألا إن الله هو الغفور الرحيم } .

الله سبحانه وحده هو صاحب المغفرة الشاملة ، والرحمة الواسعة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ } على عظمها وكونها جمادا ، { وَالْمَلَائِكَةِ } الكرام المقربون خاضعون لعظمته ، مستكينون لعزته ، مذعنون بربوبيته . { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } ويعظمونه عن كل نقص ، ويصفونه بكل كمال ، { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ } عما يصدر منهم ، مما لا يليق بعظمة ربهم وكبريائه ، مع أنه تعالى هو { الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } الذي لولا مغفرته ورحمته ، لعاجل الخلق بالعقوبة المستأصلة .

وفي وصفه تعالى بهذه الأوصاف ، بعد أن ذكر أنه أوحى إلى الرسل كلهم عموما ، وإلى محمد - صلى الله عليهم أجمعين- خصوصا ، إشارة إلى أن هذا القرآن الكريم ، فيه من الأدلة والبراهين ، والآيات الدالة على كمال الباري تعالى ، ووصفه بهذه الأسماء العظيمة الموجبة لامتلاء القلوب من معرفته ومحبته وتعظيمه وإجلاله وإكرامه ، وصرف جميع أنواع العبودية الظاهرة والباطنة له تعالى .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

{ تكاد السموات يتفطرن } أي : يتشققن من خوف الله وعظيم جلاله ، وقيل : من قول الكفار اتخذ الله ولدا ، فهي كالآية التي في مريم قال ابن عطية : وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه مردود لأن الله تعالى لا يوصف به .

{ من فوقهن } الضمير للسماوات والمعنى : يتشققن من أعلاهن . وذلك مبالغة في التهويل ، وقيل : الضمير للأرضين وهذا بعيد ، وقيل : الضمير للكفار كأنه قال : من فوق الجماعات الكفارة التي من أجل أقوالها تكاد السموات يتفطرن ، وهذا أيضا بعيد .

{ ويستغفرون لمن في الأرض } عموم يراد به الخصوص لأن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين من أهل الأرض ، فهي كقوله : { ويستغفرون للذين آمنوا } [ غافر : 7 ] ، وقيل : إن يستغفرون للذين آمنوا نسخ هذه الآية ، وهذا باطل لأن النسخ لا يدخل في الأخبار ، ويحتمل أن يريد بالاستغفار طلب الحلم عن أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم ، ومعناه : الإمهال ، لهم وأن لا يعاجلوا بالعقوبة فيكون عاما ، فإن قيل : ما وجه اتصال قوله : { والملائكة يسبحون } الآية : بما قبلها ؟ فالجواب : أنا إن فسرنا تفطر السموات بأنه من عظمة الله فإنه يكون تسبيح الملائكة أيضا تعظيما له فينتظم الكلام ، وإن فسرنا تفطرها بأنه من كفر بني آدم فيكون تسبيح الملائكة تنزيها لله تعالى عن كفر بني آدم وعن أقوالهم القبيحة .