وتقدم الكلام على { تكاد السموات يتفطرن } في سورة مريم قراءة وتفسيراً .
وقال الزمخشري : وروى يونس عن أبي عمر وقراءة عربية : تتفطرن بتاءين مع النون ، ونظيرها حرف نادر روي في نوادر ابن الأعرابي : الإبل تتشممن . انتهى .
والظاهر أن هذا وهم من الزمخشري في النقل ، لأن ابن خالويه ذكر في شواذ القراءات له ما نصب : تفطرن بالتاء والنون ، يونس عن أبي عمرو .
وقال ابن خالويه : هذا حرف نادر ، لأن العرب لا تجمع بين علامتي التأنيث .
لا يقال : النساء تقمن ، ولكن يقمن ، والوالدات يرضعن .
قد كان أبو عمر الزاهد روى في نوادر ابن الأعرابي : الإبل تتشممن ، فأنكرناه ، فقد قواه ، لأن هذا كلام ابن خالويه .
فإن كانت نسخ الزمخشري متفقة على قوله بتاءين مع النون فهو وهم ، وإن كان في بعضها بتاء مع النون ، كان موافقاً لقول ابن خالويه ، وكان بتاءين تحريفاً من النساخ .
وكذلك كتبهم تتفطرن وتتشممن بتاءين .
والظاهر عود الضمير في { فوقهن } على { السموات } .
وقال الزمخشري : ينفطرن من علو شأن الله تعالى وعظمته ، ويدل عليه مجيئه بعد { العلي العظيم } .
وقيل : من دعائهم له ولداً ، كقوله : تكاد الصمات يتفطرن منه ، فإن قلت : لم قال { من فوقهن } ؟ قلت : لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة فوق السموات ، وهي العرض والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتقديس حول العرش ، وما لا يعلم كنهه إلا الله من آثار ملكوته العظمى ، فلذلك قال : { يتفطرن من فوقهن } : أي يبتدىء الانفطار من جهتهن الفوقانية .
وقال جماعة ، منهم الحوفي ، قال : { من فوقهن } ، والهاء والنون كناية عن الأرضين . انتهى .
{ من فوقهن } متعلق يتفطرن ، ويدل على هذا القول ذكر الأرض قبل .
وقال علي بن سليمان الأخفش : الضمير للكفار ، والمعنى : من فوق الفرق والجماعات الملحدة ، أي من أجل أقوالها . انتهى .
فهذه الآية كالذي في سورة مريم ، واستبعد مكي هذا القول ، قال : لا يجوز في الذكور من بني آدم ، يعني ضمير المؤنث والاستشعار ما ذكره مكي .
قال علي بن سليمان : من فوق الفرق والجماعات ، وظاهر الملائكة العموم .
وقال مقاتل : حملة العرش والتسبيح ، قيل : قولهم سبحان الله ، وقيل : يهللون ؛ والظاهر يستغفرون طلب الغفران ، ولأهل الأرض عام مخصوص بقوله : { ويستغفرون للذين آمنوا } قاله السدي ، وقيل : عام .
ومعنى الاستغفار : طلب الهداية المؤدية إلى المغفرة ، كأنهم يقولون : اللهم اهد أهل الأرض ، فاغفر لهم .
ويدل عليه وصفه بالغفران والحرمة والاستفتاح .
وقال الزمخشري : ويحتمل أن يقصدوا بالاستغفار لهم : طلب الحلم والغفران في قوله : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا } ، إلى أن قال : { إنه كان حليماً غفوراً } وقوله : { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } والمراد : الحلم عنهم ، وأن لا يعاجلهم بالانتقام فيكون عاماً . انتهى .
وتكلم أبو عبد الله الرازي في قوله : { تكاد السموات } كلاماً خارجاً عن مناحي مفهومات العرب ، منتزعاً من كلام الفلاسفة ومن جرى مجراهم ، يوقف على ذلك فى كتابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.