النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

قوله عز وجل : { تَكَادُ السَّمَواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يتشققن فَرَقاً من عظمة الله ، قاله الضحاك والسُّدي . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

ليت السماء تفطرت أكنافها *** وتناثرت منها نجوم

الثاني : من علم الله ، قاله قتادة .

الثالث : ممن فوقهن ، قاله ابن عباس .

الرابع : لنزول العذاب منهن .

{ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } فيه وجهان :

أحدهما : بأمر ربهم ، قاله السدي .

الثاني : بشكر ربهم .

وفي تسبيحهم قولان :

أحدهما : تعجباً مما يرون من تعرضهم لسخط الله ، قاله علي رضي الله عنه .

الثاني : خضوعاً لما يرون من عظمة الله ، قاله ابن عباس .

{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَمَن فِي الأَرْضِ } فيه قولان :

أحدهما : لمن في الأرض من المؤمنين ، قاله الضحاك والسدي .

الثاني : للحسين بن علي رضي الله عنهما ، رواه الأصبغ بن نباتة عن علي كرم الله وجهه .

وسبب استغفارهم لمن في الأرض ما حكاه الكلبي أن الملائكة لما رأت الملكين اللذين اختبرا وبعثا إلى الأرض ليحكما بينهم ، فافتتنا بالزهرة وهربا إلى إدريس وهو جد أبي نوح عليه السلام ، وسألاه أن يدعو لهما سبحت الملائكة بحمد ربهم واستغفرت لبني آدم .

وفي استغفارهم لهم قولان :

أحدهما : من الذنوب والخطايا ، وهو ظاهر قول مقاتل .

الثاني : أنه طلب الرزق لهم والسعة عليهم ، قاله الكلبي .

وفي هؤلاء الملائكة قولان :

أحدهما : أنهم جميع ملائكة السماء وهو الظاهر من قول الكلبي .

الثاني : أنهم حملة العرش . قال مقاتل وقد بين الله ذلك من حم المؤمن فقال

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ } .

وقال مطرف{[2467]} : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة ، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين .


[2467]:في ك وقال تطرب والصواب ما أثبتناه.