الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

وقرأ نافع والكسائيُّ { يَتَفَطَّرْنَ } ، وقرأ أبو عمرو ، وعاصم : ( َنْفَطِرْنَ ) والمعنى فيهما : يتصدَّعْنَ ويتشقَّقْنَ ، خضوعاً وخشيةً من اللَّه تعالى ، وتعظيماً وطاعةً .

وقوله : { مِن فَوْقِهِنَّ } أي : من أعلاهن ، وقال الأخفشُ ، عليُّ بْنُ سُلَيْمَان : الضمير في { مِن فَوْقِهِنَّ } للكُفَّار ، أي : من فوق الجماعاتِ الكافرةِ والفِرَقِ المُلْحِدَةِ مِنْ أجْلِ أقوالها تَكادُ السماوات يتفطَّرْنَ ، فهذه الآية على هذا كالتي في ( كهيعص ) : { تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [ مريم : 90 ] الآية ، وقالت فرقة : معناه : من فوق الأرضين ، إذْ قد جرى ذِكْرُ الأرض .

وقوله تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض } قالَتْ فرقةٌ : هذا منسوخٌ بقوله تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } قال ( ع ) : وهذا قولٌ ضعيفٌ ، لأَنَّ النَّسْخ في الأخبار لاَ يُتَصَوَّرُ ، وقال السَّدِّيُّ ما معناه : إنَّ ظاهر الآية العمومُ ، ومعناها الخصوصُ في المؤمنين ، فكأنَّه قال : ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين ، وقالت فرقة : بل هِيَ على عمومها : لكنَّ استغفارَ الملائكة ليس بطَلَبِ غفرانٍ للكفرة مَعَ بقائهم على كُفْرهم ، وإنَّما استغفارهم لهم بمعنى طلب الهداية التي تُؤَدِّي إلى الغفران لهم ، وتأويل السُّدِّيِّ أرجحُ .