غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

1

ثم أخبر عن فظاعة ما ارتكبه أهل الشرك فقال { تكاد السماوات يتفطرن } وقد سبق في آخر سورة مريم . ومعنى { من فوقهن } أن الانفطار يبتدئ من أعلى السماوات أو ما فوقها من العرش والكرسي إلى أن ينتهي إلى السفلي ، وفي الابتداء من جهة الفوق زيادة تفظيع وتهويل . قال جار الله : كأنه قيل يتفطرن من الجهة التي فوقهن دع الجهة التي تحتهن . وقيل : معناه من الجهة التي حصلت هذه السماوات فيها وفيه ضعف لأنه كقول القائل : السماء فوقنا . وقيل : الضمير للأرض وقد تقدم ذكرها أي من فوق الأرضين وروى عكرمة عن ابن عباس : يتفطرن من ثقل الرحمن . فإن صحت الرواية كان في الظاهر دليل المجسمة . ولأهل السنة أن يتأولوا الثقل بالهيبة والجلال أو يقدروا مضافاً محذوفاً أي من ثقل ملائكة الرحمن كقوله صلى الله عليه وسلم " أطت السماء أطأ وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد . " ثم انتقل من وصف الجسمانيات إلى ذكر الروحانيات ، وأنهم بالوجه الذي لهم إلى عالم الأرواح يسبحون بالوجه الذي لهم إلى عالم الأجسام يستغفرون فقال { والملائكة } قيل : هو عام . وقيل : حملة العرش كما مر في أول سورة المؤمن إلا أنه عمم هاهنا فقال { لمن في الأرض } أي يطلبون أن لا يعاجل الله أهل الأرض بالعذاب طمعاً في توبة الكفار والفساق منهم . وقيل : هو مخصوص بما مر أي يستغفرون للمؤمنين منهم .

/خ1