الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

ثم قال تعالى : { يكاد السموات يتفطرن من فوقهن } أي : تكاد تشقق {[60644]} من فوق الأرضين من عظمة الرحمن وجلالته . هذا قول جميع المفسرين {[60645]} .

وقيل : المعنى : تكاد السموات يتشققن {[60646]} من أعلاهن من عظمة الله فيكون {[60647]} الضمير في { فوقهن } ( على القول ) {[60648]} الأول يعود على الأرضين .

وعلى هذا القول الثاني يعود على السموات {[60649]} .

وكان علي بن سليمان يقول : الضمير في فوقهن للكفار ، أي : من فوق الكفار {[60650]} . وهذا {[60651]} قول بعيد ، لا يجوز في المذكرين من بني آدم : ( رأيتهن ) {[60652]} .

وقيل : المعنى : يكاد السماوات يتفطرن من فوق الأرضين {[60653]} من قول المشركين وكفرهم {[60654]} .

{ والملائكة يسبحون بحمد ربهم } تعظيما لله سبحانه وتعجبا من مقالة المشركين {[60655]} وهم مع يستغفرون لمن في الأرض ، يعني المؤمنين {[60656]} .

ثم قال تعالى : { والملائكة يسبحون بحمد ربهم } أي : يُصَلُّونَ بطاعة ربهم شكرا له وجلالة وهيبة ، هذا قول الطبري {[60657]} .

وقال الزجاج : معناه : والملائكة يعظمون الله وينزهونه عن السوء {[60658]} .

ثم قال تعالى : { ويستغفرون لمن في الأرض } أي : ويسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من المؤمنين . وهذا اللفظ عام ومعناه الخصوص قاله السدي وغيره {[60659]} .

ولا يجوز أن يكون ( عاما فيدخل ) {[60660]} في {[60661]} ذلك الكفار لأنه تعالى قد قال : { أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } {[60662]} فغير جائز أن يستغفر {[60663]} لهم الملائكة {[60664]} .

وروي عن وهب بن منبه أنه قال : هي منسوخة ( نسخها الآية ) {[60665]} التي في سورة المؤمن {[60666]} .

قوله تعالى جل ذكره {[60667]} : { ويستغفرون للذين آمنوا } {[60668]} {[60669]} .

وهذا عند أهل النظر لا يجوز فيه نسخ لأنه {[60670]} خبر ، ولكن تأويل قول وهب ابن منبه في هذا أنه أراد أن هذه الآية نزلت على نسخ تلك الآية .

ثم قال : { ألا إن الله هو الغفور الرحيم } أي : الغفور لذنوب مؤمني عباده {[60671]} ، الرحيم بهم أن يعذبهم بعد توبتهم .

وأجاز أبو حاتم الوقف على ( من فوقهن ) . وذلك جائز إن جعلت ما بعده منقطعا منه . فإن جعلته في موضع الحال لم يجز الوقف دونه {[60672]} .


[60644]:(ح): تنشق.
[60645]:قاله ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك وكعب. انظر جامع البيان 25/6.
[60646]:(ح): تشققن.
[60647]:(ت): لتكون.
[60648]:(ت): عند المفعول.
[60649]:انظر إعراب النحاس 4/72.
[60650]:انظر إعراب النحاس 4/72، والمحرر الوجيز 4/203.
[60651]:(ح): وهو هذا.
[60652]:وقاله النحاس في إعرابه 4/72.
[60653]:(ت): الأرض.
[60654]:انظر المحرر الوجيز 14/203.
[60655]:غير مقروء في (ت).
[60656]:(ح): من المؤمنين. وقوله: (وهم مع يستغفرون...) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: وهم مع ذلك..[المدقق].
[60657]:انظر: جامع البيان 25/6.
[60658]:انظر معاني الزجاج 4/394.
[60659]:انظر جامع البيان 25/6، والمحرر الوجيز 14/204، وناسخ ابن العربي 2/351، وجامع القرطبي 16/4. ونسبه القرطبي إلى السدي والضحاك.
[60660]:(ت): عام فيدخل وهو في الطرة.
[60661]:(يعني في).
[60662]:البقرة آية 160.
[60663]:(ح): تستغفر.
[60664]:ذهب إلى هذا المعنى أيضا الزجاج في معانيه 4/394.
[60665]:(ح): نسخها الآيات.
[60666]:(ح): (المؤمنين). والمقصود بالمؤمن: سورة غافر.
[60667]:ساقط من (ح).
[60668]:غافر آية 6.
[60669]:انظر تفصيل ذلك في الإيضاح 399، وناسخ ابن حزم 54، وناسخ ابن العربي 2/351، والمحرر الوجيز 14/204، وجامع القرطبي 16/4. وعقب ابن عطية على هذا بقوله: (وهو قول ضعيف، لأن النسخ في الأخبار لا يتصور).
[60670]:انظر تفصيل ذلك في الإيضاح 399، وناسخ ابن حزم 54، وناسخ ابن العربي 2/351، والمحرر الوجيز 14/204، وجامع القرطبي 16/4. وعقب ابن عطية على هذا بقوله: (وهو قول ضعيف، لأن النسخ في الأخبار لا يتصور).
[60671]:(ح): عباده الرحيم أي.
[60672]:انظر القطع والإئتناف 638.