بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

قوله تعالى : { تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ } يعني : يتشققن ، { مِن فَوْقِهِنَّ } يعني : تكاد أن يتشققن من قدرة الله ، وهيبته . يعني : من هيبة الرحمن ، وجلاله ، وعظمته . قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، في رواية حفص : { تَكَادُ السماوات } بالتاء ، بلفظ التأنيث ، { يَتَفَطَّرْنَ } بالتاء بلفظ التأنيث . وقرأ أبو عمرو ، وعاصم ، في رواية أبي بكر : { تَكَادُ } بالتاء بلفظ التأنيث ، { يَنفَطِرْنَ } بالنون . وقرأ الباقون : بالياء بلفظ التذكير { يَتَفَطَّرْنَ } بالياء .

ثم قال : { والملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } يعني : يسبحونه ، ويذكرونه ، { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض } يعني : للمؤمنين . وروى داود بن قيس قال : دخلت على وهب بن منبه ، فَسُئِلَ عن قوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض } قال : للمؤمنين منهم . وفي رواية أنه قال : نسختها الآية التي في سورة المؤمن حيث قال : { الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شيء رَّحْمَةً وَعِلْماً فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم } [ غافر : 7 ] . وروى معمر عن قتادة قال : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض } قال : للمؤمنين منهم . قال أبو الليث رحمه الله : هذا الذي روي عن قتادة أصح ، لأن النسخ في الأخبار لا يجوز ، وإنما في الأمر ، والنهي .

ثم قال : { أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور } لذنوبهم ، { الرحيم } بهم في الرزق . ويقال : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الارض } يعني : يسألون لهم الرزق .