تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

الإيمان

( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 62 ) (

المفردات :

آمنوا : صدقوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم .

هادوا : صاروا يهودا يقال هاد يهود إذا دخل في اليهودية ، ويهود إما عربي من هاد إذا تاب ، سموا بذلك لما تابوا من عبادة العجل ، وإما معرب يهوذا وكأنهم سموا باسم أكبر أولاد يعقوب عليه السلام ( 168 ) .

النصارى : جمع نصران بمعنى نصراني كندامى وندمان والياء في النصراني للمبالغة ، وهم قوم عيسى عليه السلام ، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح عليه السلام ، أولأنهم كانوا معه في قرية يقال لها نصران أو ناصرة فسموا باسمها أو من اسمها ( 169 ) .

الصابئين : قوم بين النصارى والمجوس ، وقيل أصل دينهم دين نوح عليه السلام ، وقيل : هم عبد الملائكة ، وقيل : عبدة الكواكب .

وقد شاهدت هذه الطائفة حين كنت في العراق ويسمون الصبة ، ولهم طقوس خاصة بهم في الزواج والموت وغير ذلك . وهم قوم موحدون يعتقدون تأثير النجوم ويقرون ببعض الأنبياء . ويشتهرون في بغداد بسوق معينة تسمى سوق الصابئة حيث يشتغلون بضرب الفضة وتزيينها ونقشها ، وبيع قطع الفضة والنيكل بعد زخرفتها .

والإيمان المشار إليه في قوله تعالى :

من آمن بالله واليوم الآخر . أي من كان منهم في دينه قبل أن ينسخ مصدقا بقلبه بالمبدأ والمعاد عاملا بمقتضى شرعه .

وقيل : من آمن من هؤلاء الكفرة إيمانا خالصا ودخل في الإسلام دخولا صادقا( 170 ) فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . إن هؤلاء الذين آمنوا عن تصديق وإذعان ، وقدموا العمل الصالح لهم أجرهم عظيم عند ربهم ولا يفزعون من هول يوم القيامة كما يفزع الكافرون ، ولا يفوتهم نعيم فيحزنون عليه كما يحزن المقصرون .

قال الإمام الغزالي :

إن الناس في شأن بعثته صلى الله عليه وسلم أصناف ثلاثة :

1- من لم يعلم بها بالمرة وهذا ناج حتما .

2- من بلغته الدعوة على وجهها ولم ينظر في أدلتها إهمالا أو عنادا واستكبارا وهذا مؤاخذ حتما .

3- صنف ثالث بين الدرجتين بلغهم اسم محمد صلى الله عليه سلم ولم يبلغهم نعته ووصفه ، بل سمعوا منذ الصبا أن كذابا مدلسا اسمه محمد ادعى النبوة كما سمع صبياننا أن كذابا يقال له المقنع تحدى بالنبوة كاذبا ، فهؤلاء عندي في معنى الصنف الأول ، مع أنهم لم يسمعوا اسمه لم يسمعوا ضد أوصافه . وهؤلاء سمعوا ضد أوصافه ، وهذا لا يحرك داعية النظر في الطلب . ا . ه .