تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

9

المفردات :

لتستووا : لتستقروا .

سخر : ذلل وطوّع .

مقرنين : أي : مطيقين ، قال عمرو بن معدي كرب :

لقد علم القبائل ما عقيل *** لنا في النائبات بمقرنينا

التفسير :

13- { لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } .

أي : إذا ركبتم السفينة تأملتم في نعمة ربكم الذي سخر البحر والسفن لنا حتى نقول : { بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم } . ( هود : 41 ) .

وإذا ركبتم الدابة أو السيارة أو الطائرة أو أشباه ذلك قلتم : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

وروح النص تفيد أن الإنسان عندما يستقر على ظهر السفينة ، أو على ظهر الدابة يذكر الله تعالى ، ويشكر أنعمه التي لا تحصى ويقول : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

ومثل هذا الدعاء يقوله المؤمن عند ركوب المصعد إلى الأدوار العليا ، والسيارة والطيارة ؛ لأن هذا التسخير يذكرنا بأفضال الله علينا .

14- { وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

وإنا راجعون إلى الله ، ومصيرنا إليه .

ألا كل شيء ما خلا الله باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

جاء في حاشية شيخ زادة على تفسير البيضاوي ما يأتي : وليس المراد من ذكر النعمة تصورها وإخطارها في البال ، بل المراد تذكر أنها نعمة حاصلة بتدبير القادر العليم الحكيم ، مستدعية لطاعته وشكره ، فإن من تفكر في أن ما يركبه الإنسان من الفلك والأنعام أكثر قوة وأكبر جثة من راكبه ، ومع ذلك كان مسخرا لراكبه ، يتمكن من تصريفه إلى أي جانب شاء ، وتفكر أيضا في خلق البحر والريح وفي كونهما مسخرين للإنسان مع ما فيهما من المهابة والأهوال ، استغرق في معرفة عظمة الله تعالى وكبريائه ، وكمال قدرته وحكمته ، فيحمله ذلك الاستغراق على أن يقول متعجبا من عظمة الله : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

من تفسير ابن كثير

ذكر الأحاديث الواردة عند ركوب الدابة :

حديث عبد الله بن عمر :

روى الإمام أحمد ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب راحلته كبّر ثلاثا ، ثم قال : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } . ثم يقول : ( اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هوّن علينا السفر ، واطو لنا البعد ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا ) .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى أهله قال : ( آيبون تائبون إن شاء الله ، عابدون لربنا حامدون )2 .

من تفسير فخر الدين الرازي

هناك أذكار ثلاثة ما ينبغي لعبد أن يدع قولها ، وليس بواجب ذكرها في اللسان ، وهي :

دعاء السفر في البحر : { بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم } . ( هود : 41 ) .

ودعاء السفر في البر : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

ودعاء دخول المنازل : { رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين } . ( المؤمنون : 29 ) .