تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} (3)

المفردات :

ما ودعك ربك : ما تركك منذ اختارك ، وهذه الجملة جواب القسم .

وما قلى : وما أبغضك منذ أحبّك .

التفسير :

3- ما ودّعك ربك وما قلى .

لم يتركك ربك ، ولم يقطعك قطع المودّع ، ولم يقطع عنك الوحي ، وما أبغضك وما كرهك وما قلاك كما يزعم بعضهم ، وقد ادّعت أم جميل زوجة أبي لهب أن شيطان محمد قد تأخر عنه ، وأن إله محمد قد أبغضه وتركه ، وقد روى البخاري ومسلم أن هذا كان سبب نزول سورة الضحى .

والسورة كلها حنان وعطف وتقدير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد على مزاعم الكافرين حين تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه ويلم ، فقد سأله أهل مكة ثلاثة أسئلة :

الأول : عن الروح .

الثاني : عن أصحاب الكهف .

الثالث : عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وهو ( ذو القرنين ) .

فقال صلى الله عليه وسلم : ( غدا أجيبكم ) ، ونسى أن يقول : إن شاء الله ، فتأخر الوحي خمسة عشر يوما ، فلما نزل جبريل قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا جبريل ، ما جئت حتى اشتقت إليك ) ، فقال جبريل : لأنا أشد شوقا إليك منك إليّ ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( وما يمنعك أن تنزل ، وأن تجيء أكثر مما تجيء ) ؟ فقرأ جبريل الآية : وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيّا . ( مريم : 64 ) .

وكانت هذه الفترة للوحي لإلهاب شوق النبي صلى الله وعليه وسلم إلى الوحي ، وإنها لنعمة كبرى أن يختار الله محمدا رسولا ، ويرسل إليه جبريل عليه السلام يحمل وحي السماء ، ليكون رسالة الله للبشر أجمعين .