السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٖ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ يُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةٖ وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِۦ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن يُعَمَّرَۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (96)

{ ولتجدنهم } اللام لام القسم والنون تأكيد القسم تقديره : والله لتجدنهم يا محمد أي : اليهود { أحرص الناس على حياة } هو من وجد بمعنى علم المتعدي إلى مفعولين ومفعولاه هم أحرص .

فإن قيل : لم قال على حياة بالتنكير ؟ أجيب : بأنه أريد حياة مخصوصة هي فرد من أفرادها وهي الحياة المتطاولة { و } أحرص { من الذين أشركوا } أي : المنكرين البعث عليها لعلمهم بأنّ مصيرهم النار دون المشركين لإنكارهم له .

فإن قيل : ألم يدخل الذين أشركوا تحت الناس ؟ أجيب : ببلى ، ولكنهم أفردوا بالذكر ؛ لأنّ حرصهم شديد وفيه توبيخ عظيم ؛ لأنّ الذين أشركوا لا يؤمنون بعاقبة وما يعرفون إلا الحياة الدنيا فحرصهم عليها لا يستبعد لأنها جنتهم فإذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقرّ بالجزاء كان حقيقاً بأعظم التوبيخ { يودّ } يتمنى { أحدهم لو يعمر ألف سنة } لو مصدرية بمعنى أن وهي بصلتها في تأويل مصدر مفعول ، يودّ يقول الله تعالى : اليهود أحرص الناس على الحياة من المجوس الذين يقولون ذلك ؛ لأنّ تحية المجوس فيما بينهم عش ألف سنة { وما هو } أي : أحدهم

{ بمزحزحه } أي : مبعده { من العذاب } أي : النار وقوله تعالى : { أن يعمر } فاعل مزحزحه أي : تعميره { والله بصير بما يعملون } فيجازيهم به .

( وسأل عبد الله بن صوريا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن ينزل عليه ؟ فقال : جبريل فقال : ذاك عدوّنا عادانا مراراً وأشدّها أنه لما نزل على نبينا أخبرنا أن بيت المقدس سيخربه بختنصر وأخبرنا بالحين الذي يجيء فيه فلما كان وقته بعثنا رجلاً من بني إسرائيل في طلبه ليقتله فانطلق حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً فأخذه ليقتله فدفع عنه جبريل وقال : إن كان ربكم أمره بهلاككم فلا يسلطكم عليه وإلا فيم تقتلونه وكبر بختنصر وقوي فنزل .